ـ(91)ـ
والإمامة وإن كانت حماية الأئمة الأربعة لخلافة أهل البيت على أساس أنهم أتقى وأعلم وأفضل، وكانت معارضتهم لخلفاء بني أمية وبني العباس على أساس أنهم سلطوا على البلاد الإسلاميّة عن طريق الوراثة الملكية، وما كانوا منتخبين بالشورى، ولا من قبل أصحاب الحل والعقد، وسبب معارضة أهل السنة للخلفاء من بني أمية وبني العباس هو: أنهم كانوا يتبعون أهواءهم، وتركوا سنة رسول الله والخلفاء الراشدين، بينما كان أساس حماية الشيعة لأهل البيت على أنهم منصوبون من الله تعالى لهذا الأمر، ولكن اختلاف الفريقين في الأسلوب لم يؤثر في وحدة المسلمين من ناحية من هو أحق بخلافة المسلمين، حيث كان الهدف واحداً، ولهذا لانجد آثاراً كثيرةً للتفرق والتشتت في موضوع الخلافة في هذا الدور من التاريخ.
أما الدور الثالث: بعد سقوط الخلافة وتغلب الاستعمار على البلاد الإسلاميّة لم يبق للمسلمين شيء من السلطة، إلاّ لطبقة من أبناء المسلمين الذين كانوا يحكمون نيابة عن الاستعمار في بعض البلاد الإسلاميّة، ومع هذا نجد المسلمين يتنازعون في مسألة الخلافة أكثر من أي زمان آخر رغم أن الخلافة خرجت من يد جميع طوائف المسلمين ونجد المسلمين يتنازعون في من هو أحق بالخلافة، وتتعرض كل طائفة لما يثير الفرقة والقطيعة والعداوة، طبعاً كان هذا الوضع من المخططات الناجحة لأعدائنا الذين استفادوا من جهل المسلمين وغفلتهم عن أهدافهم السامية، وفي هذه الفوضى السياسية والبلبلة الفكرية قام مجموعة من العلماء المجاهدين بتوعية المسلمين وإنقاذ الأمة الإسلاميّة من التيه والضياع.
وكان السيد جمال الدين الحسيني من أقوى الشخصيات الإسلاميّة في القرن الماضي، وأكبرها تأثيراً في عقول الشباب المثقف، حيث السخط منتشر ضد السياسة القائمة والاستعمار الداخلي، وكان السيد جمال الدين الحسيني يرى أن من أهم أسباب انحطاط المسلمين وتأخرهم هو الفرقة بين المسلمين مذهبية كانت أو غير مذهبية وفي النهاية يعتقد بأن العلاج الوحيد وحدة الأمة الإسلاميّة وتضامنها، وكان السيد جمال الدين الحسيني يهتم بالوحدة قولاً وعملاً، فلم يكُ يريد الخير والسعادة لدولةٍ