ـ(22)ـ
عن عمق جذور الصراع الحضاري الغربي الإسلامي.
فالغربيون يسمحون لأنفسهم أن يحولوا قضية الطائرة التي أسقطت في (اسكتلنده) إلى قضية عالمية ويطالبون بمحاكمة المتهمين بارتكاب الجريمة، وهي جريمة في حق جماعة من الركاب المدنيين العاديين؛ ولكنهم لا يسمحون بمحاكمة شخص ارتكب جريمة بحق الإسلام والأمة الإسلاميّة جمعاء، ولا يسمحون بإصدار الحكم الذي تقره الشريعة الإسلاميّة وجميع الأديان السماوية.
ولكن المهم في هذه القضية ليس هذا الجانب، بل في ما تكشفت عنه من مدى ارتباط المسلمين بالإسلام والثقافة الإسلاميّة، واستعدادهم لتوحيد موقفهم في الصراعات ذات البعد المركزي (1). وكذلك في بُعد الإجماع الإسلامي في هذه القضية على مستوى الأمة، وحتى دول العالم الإسلامي حيث لم يجرأ أي واحد من حكام المسلمين أن يقف موقف المخالف لها.
وفي جانب آخر مهم هو موقف المسلمين المغتربين، وحتى المولودين في الغرب منهم، والذي كان في قوته لا يقل عن موقف مسلمي العالم الإسلامي إن لم يكن أشد وضوحاً.
2 ـ التراجع الحضاري والسياسي للحضارة الغربية وأطروحاتها وأتباعها في العالم الإسلامي أما التطورات السياسية في تيار النهوض الإسلامي الذي لا نحتاج إلى الحديث الواسع فيه، وخصوصاً ما حدث في جمهورية (السودان الإسلاميّة) أو في (جمهورية أفغانستان)، حيث تمكن التيار الإسلامي من خلال صراع طويل وفي أبعاد متعددة أن يكسب الجولة، ويقيم الحكومة الإسلاميّة تحت سمع وبصر الحضارة الغربية والأنظمة التابعة لها بما تملك من إمكانات وقدرات مادية وبشرية. وكذلك الصورة الرائعة والمروعة التي حصلت في الجزائر من إدلاء الأمة برأيها ـ وفي مباراة مفتوحة
_______________________________
1 ـ لأنّ هذه القضية كانت تمس واحدة من أهم وأكبر القضايا الإسلاميّة وأن يجمع المسلمون على الالتزام بها، وهي قضية النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم.