ـ(21) ـ
المغتربين، والذي كان يبدو للناظر ـ لأول وهلة ـ أنهم تحولوا في جميع أبعاد حياتهم ووجودهم إلى جانب الحضارة الغربية.
وهنا حاول القيمون على الحضارة الغربية أن يعالجوا هذه الظاهرة بالطريقة التي عالجوا وواجهوا بها ظاهرة النهوض القومي والوطني وحركة التحرر في العالم العربي والإسلامي، ومن دون الحاجة إلى التحول إلى الحرب الباردة في مواجهة عالمية شاملة. فكانت الحرب العدوانية على الجمهورية الإسلاميّة، والتدخل الأجنبي الواسع في منطقة الخليج، والحصار الاقتصادي والسياسي والتكنلوجي للجمهورية الإسلامية، ثم حرب الخليج ضد النظام العراقي لإخراجه من الكويت، والتواجد العسكري فيه، وكذلك ممارسة الضغوط المستمرة لإنهاء المشكلة الفلسطينية لصالح الهيمنة الصهيونية، وإثارة المخاوف والشكوك ضد الجمهورية الإسلاميّة ونواياها المستقبلية وعمليات القمع الواسعة للنهوض الإسلامي تحت شعار محاربة الإرهاب والتطرف الديني والتخلف الحضاري وإحياء التحالفات الجانبية بعيداً عن الأطر العامة للجامعة العربية أو منظمة المؤتمر الإسلامي، أو حركة عدم الانحياز، بل وحتى أبعد من ذلك من محاولة تسخير الأمم المتحدة ومؤسساتها خصوصا في مجال حقوق الإنسان لتحريض بعض الأنظمة في العالم الإسلامي للقيام بالمزيد من الانتهاك لحقوق الإنسان ضد شعوبها تحت هذه الشعارات.
ويبدو حتى الآن أن هذه المحاولة باءت بالفشل، وبدأ الصراع يأخذ أبعاداً جديدة في المواجهة مع الحضارة الغربية يمكن أن نؤشر فيها على عدة نقاط ذات تأثير كبير في هذا الصراع:
1 ـ ارتفاع درجة حساسية الأمة تجاه محاولات الحضارة الغربية في الانتقاص من الإسلام والعقيدة الإسلاميّة، وازدياد الشعور بالمظلومية من قبل الحضارة الغربية من ناحية، والاعتزاز بالكرامة الإسلاميّة وقيمها ومثلها من ناحية أخرى. وقد تكشف هذا الأمر في قضية المرتد سلمان رشدي والتي تبدو في البداية أنها قضية عادية، ولكن الغربيين في توجيههم للصراع حولوها إلى قضية ذات أبعاد عالمية كشفت في تفاعلاتها