ـ(183)ـ
(د) وفي جانب القواعد الفقهية: من أمثلة ذلك.
1 ـ ما ذكره الإمام أبو زيد الدبوسي في كتابه (تأسيس النظر) (1) حيث يقول: ( الأصل عندنا عندنا ـ أي: الحنفية ـ أن المضمونات تملك بالضمان السابق، ويستند الملك فيها إلى وقت وجوب الضمان إذا كان المملوك مما يجب تملكه بالتراضي. وعند الإمام القرشي، أبي عبد الله الشافعي: المضمونات لا تملك بالضمان، وعلى هذا مسائل:
منها: أن الغاصب إذا ضمن قيمة المغصوب ثم ظهر المغصوب فهو لـه ؛ لأنه ملكه بالضمان، فاستند ملكه إلى وقت وجوب الضمان عند علمائنا، وعند الإمام القرشي ـ أبي عبد الله الشافعي ـ: لا يكون لـه المضمون ملكاً، والمغصوب منه إذا أخذ القيمة كان عليه رد القيمة وأخذ المضمون من الغاصب ؛ لأن الغاصب لا يملكه...
ومنها: إذا غصب حنطة فطحنها ملكها ؛ لأنه عجز عن ردها بعينها، فأشبه فواتها من يده، فضمن مثلها ضمانا مستقراً لا موقوفاً فملك المطحون؛ لأن الملك يتبع سابقه وجوب الضمان عندنا، فإن قيل: ما الدليل على أنه عجز عن ردها بعينها، ودقيقها عينها ؟ قيل لـه: الدقيق غير الحنطة اسماً وحكماً ولوناً وصورة، وعند الإمام أبي عبد الله الشافعي: لا يملك ذلك الطحين بالطحن.
ومنها: إذا غصب ساجةً فأدخلها في بنيانه وفي نزعها ضرر لصاحب البنيان ملكها صاحب البناء عندنا ؛ لوجوب الضمان اللازم عندنا لـه بالملك المستقرّ في ذمّته، وعند أبي عبد الله : لا يملك الساجةً، ويجب عليه نزعها).
4 ـ ويتبين من هذا كله أمران:
أحدهما: أنّ الخلاف بين المسلمين في المسائل الخلافية من كلاميةٍ وفقهيةٍ ليس
_____________________________
1 ـ ص 56 طبع المطبعة الأدبية بمصر.