ـ(180)ـ
فسقا أهل لغير الله به] (1) فهذه الآية تفيد أن المحرم من الذبائح إنما هو الحيوان الذي أهل لغير الله به، وهذا غير الحيوان الذي لم يذكر اسم الله عليه عمداً أو سهواً، فحملوا النهي في قولـه تعالى: [ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه] على ما أهل لغير الله به، وآزروا هذا بما روي من: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ـ سئل فقيل لـه: إن ناساً من البادية يأتوننا بلحمان ولا ندري أسموا الله عليها أم لا ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (سموا الله عليها ثم كلوها) وما روي من قولـه عليه الصلاة والسلام: (المسلم يذبح على اسم الله سمى أو لم يسم) ومن أنه سئل فقيل لـه: أرأيت الرجل منا يذبح وينسى أن يسمي الله ؟ فقال: ( اسم الله في قلب كل مسلم).
فالذين شددوا على الشافعية اعتبروهم مخالفين للنهي الصريح المتبع بأن الأكل مما لم يذكر اسم الله عليه فسق، ولكن الشافعية متأولون في أمر محتمل لهم فيه وجهتهم، وحاشاهم أن يرفضوا نصاً لا احتمال فيه.
2 ـ ومن أمثلة هذا في المسائل الفقهية أيضاً: مسألة الاختلاف في المسح على الخفين، فقد أولاها المختلفون أهمية كبرى: فبينما يعتبر أهل السنة جواز المسح على الخفين في منزلة الأصول التي لا يجوز إنكارها ولا التردد فيها نرى الشيعة ـ من زيدية وإمامية ـ ينازعون في الجواز منازعة شديدة، ويقولون: إنه نسخ.
وقد روى أهل السنة أحاديث كثيرة في جواز المسح، وقالوا: ثبت هذا الجواز عن أكثر من سبعين صحابياً، وصرح جمع من الحفاظ بأنه متواتر، ويقول بعض العلماء من أهل السنة: ( رأينا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ـ كانوا يقولون: الرضا بقضاء الله، والتسليم لأمر الله، والصبر على حكم الله، والأخذ بما أمر الله والمسح على الخفين، فهو قد جعل المسح على الخفين عديلاً للعقائد القاطعة.
والشيعة يقولون: إن ما ورد من مسح النبي صلى الله عليه وآله وسلم ـ إنما يذكر
___________________________
1 ـ الأنعام : 145.