ـ(141)ـ
أما علماء الإمامية (1): فهم لا يرون أن ما ورد من أخبار في كتب الحديث كلها على درجة الصحة والوثاقة أولاً، وليس في كتبهم ما هو تصريح بوقوع التحريف، بل ولا حتى إشارة، والروايات المذكورة إنما تتعلق بوقوع التحريف في الفهم والتفسير وليس في النص القرآني(2).
أما ما أورده من رواية عن الكافي فليس فيها ما يوحي من قريب أو بعيد بالتحريف إطلاقاً، وغاية ما تدل عليه: أن الإمام علي ـ عليه السلام ـ جمع القرآن على حسب نزوله...، وأما التشنيع على الكليني فيما نقله في مسألة (مصحف فاطمة) فمن أعجب العجب، ومما يحّز في النفس أن باحثا مثله ينساق وراء الأوهام والتهريج، فالرواية نفسها التي ينقلها تشير إلى أن مصحف فاطمة ليس فيه من القرآن شيء، بل ليس فيه حرف واحد من القرآن كما هو لسان الرواية، وإذا كان لفاطمة كتاب اسمه الصمحف أو شهر بهذا الاسم كما شهر كتاب سيبويه بالكتاب فهل يعني هذا القول بالتحريف؟! (3).
ثم إن كلمة مصحف ليست من أسماء القرآن، وإنما هي لفظة اخترعت بعد عصر الرسالة، فليتنبه إلى ذلك.
ويختم هذا الفصل أخيراً بعنوان جانبي آخر جرياً على منهجه المذكور فيكتب تحت عنوان: (الإمامة كمنصب إلهي قضية اخترعت في زمن متأخر).
ويعقب على هذا العنوان بقولـه: هذا العنوان الجانبي ليس من عندي، فإنه من الوضوح بمكان أنني لم أشترك في هذا الموضوع وغيره من موضوعات المذاهب الإسلاميّة كطرف مباشر، ولكني استنطق الوثائق والأحداث والأشخاص... أقول: ليته فعل حقاً. بعد هذه المقدمة ينقل عن صاحب كتاب (الشيعة والتصحيح) ـ الذي
___________________________________
1 ـ معالم المدرستين للعلامة السيد مرتضى العسكري 2: 30 وما بعدها.
2 ـ راجع تفصيلاً وافياً، ومناقشة علمية دقيقة للإمام الراحل السيد الخوئي (قدس سره) في كتابه (البيان في تفسير القرآن) المدخل: 136 ـ 181، صيانة القرآن من التحريف، ونقل إجماع الإمامية عليه المطبعة العلمية ـ النجف الاشرف ـ 1377 هـ 1957 م.
3 ـ معالم المدرستين للعلامة العسكري 2: 32.