ـ(117) ـ
الاستعمار في عهد السيد جمال الدين:
كان الدول الإسلاميّة في عهد السيد (ره) ترزح تحت نير الاستعمار الأوربي المتمثل في (بريطانيا العظمى) في ذلك الوقت، وكان الاستعمار البريطاني يتميز بالخبث والنفس الطويل في تذويب المسلمين ومسخهم من شخصيتهم الإسلاميّة.
وما كان يصنعه الاستعمار كان مبنياً على أساس حسابات دقيقة ودراسات علمية موسعة، إضافة إلى الحالة التي يعيشها المسلمون من جهل وغفلة وتمزق، كل ذلك أدى إلى أن يحكم المستعمر قبضته على رقاب المسلمين.
وكان الاستعمار يركز في حركته على أمرين:
الأول: مسخ الشخصية الإسلاميّة، وتحطيم المعنويات والقيم التي يتمتعون بها، بل السعي في إذابة كل ما للمسلمين من فكر وعقيدة وسلوك وفلسفة. يقول كلادستون رئيس وزراء بريطانيا الأسبق: ـ
(ما دام هذا القرآن موجوداً في أيدي المسلمين فلن تستطيع أوربا السيطرة على الشرق) (1).
هكذا كان يفكر المستعمر في إبعادنا عن قرآننا الذي هو مصدر عزتنا وكرامتنا، فلو ابتعدنا فإنه يستولي علينا، والمقصود من ذلك: تعاليم القرآن التي تأمرنا بالوحدة وتدعونا إلى الجهاد، لا القرآن مجرداً عن تعاليمه.
الثاني: جعل البلاد الإسلاميّة مركزاً تمويلياً لاقتصادهم وجعلها إقطاعيات زراعية ومناجم لبلدانهم وأن يسوقوا شعوبها بالتبعية من خلفهم.
كل هذه الأمور جعلت السيد جمال الدين (ره) أن يتخذ موقفه السلبي من هذه التحركات الحاقدة التي تخفيها من وراء وجهها الباهت.
يقول الدكتور محمود قاسم في كتابه (جمال الدين الأفغاني) عن (العروة الوثقى):
___________________________
1 ـ دمروا الإسلام أبيدوا أهله ـ جلال العالم.