ـ(115)ـ
السيد جمال الدين في فكرة الوحدوي:
الذي يبدو لي أن معظم علماء الإسلام كان يفكر في الوحدة ويتمنى الاتحاد لكل المسلمين، ولكنهم لم يصلوا إلى (مرحلة الهم) حيث يكون مشروع الوحدة الشغل الشاغل لـه في تفكيره وسلوكه، وهذا ما نلحظه من حياة السيد جمال الدين، حيث هاجر من بقعة إلى أخرى منتقلاً من إيران إلى النجف الأشرف في العراق، ثم إلى أفغانستان، فإلى إيران ومن إيران إلى الهند ومن الهند إلى مصر ومن مصر إلى فرنسا ومنها إلى الآستانة بتركيا حيث خلافة الدولة الإسلاميّة، وفي جولته هذه كان لسان المسلمين الناطق بأفكارهم ومحروميتهم ولم تحجزه حدود جغرافية ولا حاجز اللسان ولا البشرة، بل كان يركز في نفوس المسلمين عزتهم وكرامتهم من خلال منهج محدد سار عليه.
(وهذا ما نراه من زيارة السيد جمال الدين إلى الهند، حيث يصف الزيارة الأستاذ صلاح البستاني في مقدمة كتاب العروة الوثقى: سأله المستعمر عن المدة التي سيقضيها في البلاد فقال الأفغاني: لا أكثر من شهرين، فبثت الحكومة البريطانية عيونها حول زوار ضيفها الجديد. فجاءه في اليوم الأول عشرات.. وفي اليوم الثاني مئات... وهرع العلماء والأعيان لملاقاة بطل جري.. وغصت الساحات بالوفود..
وحدث ما كان في الحسبان.. وتقدم مندوب الحكومة أمام الحشود يستعجله في مغادرة الهند).
هذه الصورة التي ينقلها البستاني تمثل حالة الالتحام بين السيد جمال الدين وبين الشعوب الإسلاميّة وأن حاجز اللغة والقومية لم يكن مانعا من تقريب المسلمين وتوحيدهم تحت راية الإسلام.
ولذا كان المشروع الوحدوي هماً عند السيد جمال الدين أين ما حل، فكان يعالجه بمعالجاته الخاصة بحسب ظرفه.
وكذلك الشيخ محمد عبده كان متأثراً بأستاذه تمام التأثر حتى أدى ذلك إلى