ـ(114)ـ
[واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا..]. وهكذا جاءت التأكيدات على السنة أئمته ودعاته، ولم تقف النوبة عند الطرح النظري فقط، بل تعدته إلى الطرح العملي، كما يلحظ ذلك في حياة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) التي مثلت أجلى مصاديق الوحدة بين المسلمين، وأيضاً يلحظ في حياة الأئمة المعصومين ـ عليهم السلام ـ ما يشير إلى ذلك في ممارساتهم العملية.
ولما أن تحولت الدولة الإسلاميّة إلى جسد ممزق وعصفت بهم التفرقة والتمزيق، وشقت عصاهم الفرقة الطائفية والفرقة السياسية، وبعد أن كان اختلاف الألسن والألوان آية من آيات الله أصبح عاملاً من عوامل التفريق، حتى ضعفت شوكة المسلمين واستضعفهم الكافرون فانبرى لإنقاذ هذه الأمة من الضياع والتيه [رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه...] نقشوا أسماءهم على هامة الدهر، وقادوا مسيرة الإصلاح، ودعوا الناس إلى الوحدة والاتحاد بحسب ما يمليه الإسلام.
ومن هؤلاء: (السيد جمال الدين الحسيني الأسد آبادي الشهير بالأفغاني) و(الشيخ محمد عبده) و(الإمام شرف الدين) و(الإمام الخميني ـ قده ـ). وبطبيعة الحال، كل طرح نظرته الإصلاحية بحسب ظروفه الطبيعية والموضوعية، ولهذه تختلف الحركة الإصلاحية في تفاصيلها وتتحد في هدفها وأغراضها.
وسأنتاول هنا ـ بقدر الاستطاعة ـ (دور الإمام السيد جمال الدين الأسد آبادي والإمام محمد عبده) في توحيد المسلمين مبيناً بإيجاز دور المستعمر في عهدهما وشيئاً من حياتهما، ثم المنهج الذي اتبعاه في دعوة المسلمين إلى الوحدة، وفي الختام مقارنة قصيرة بحركة الإمام الخميني (رض).
وما سأقدمه سيكون إجابة لمجموعة من الأسئلة في حياة السيد جمال الدين والشيخ محمد عبده.
ـ كيف كان يفكر السيد جمال الدين في الوحدة؟
ـ كيف كان الاستعمار في عهده؟
ـ ما هو المنهج الذي اتبعه في سبيل الوحدة؟