ـ(109)ـ
يكون مجتهداً في المسائل المتكثرة بالغاً رتبة الاجتهاد فيها، وإن كان جاهلاً ببعض المسائل الخارجة عنها فإنه ليس من شرط المفتي أن يكون عالماً بجميع أحكام المسائل ومداركها، فإن ذلك مما لا يدخل تحت وسع البشر) (1).
وذهب ابن عبد الشكور الحنفي إلى ذلك مستدلاً بـ:
1 ـ ترك العلم عن دليلٍ إلى تقليدٍ خلاف المعقول كيف وفيه ريب؟! وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم: (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك).
2 ـ القول: (استفت نفسك وإن أفتاك المفتون) ففيه ترجيح اجتهاده على اجتهاد غيره (2).
وذهب الفتوحي الحنبلي إلى أن: (الاجتهاد يتجزأ عند أصحابنا ـ أي: الحنابلة ـ والأكثر إذ لو لم يتجزأ لزم أن يكون المجتهد عالماً بجميع الجزئيات، وهو محال، إذ جميعها لا يحيط بها بشر) (3).
ونقل ابن الحاجب المالكي دليل المثبتين للتجزؤ بقولـه: (لو لم يتجزأ العلم...، فقد سئل مالك عن أربعين مسألة فقال في ست وثلاثين منها: لا أدري) (4).
أما ابن حزم الظاهري: فانتهى إلى جواز التجزئة حيث قال: (وكل من علم مسألة واحدة من دينه على الرتبة التي ذكرنا جاز لـه أن يفتي بها، وليس جهله بما جهل بمانعٍ من أن يفتي بما علم، ولا علمه بما علم بمبيحٍ لـه أن يفتي بما جهل) (5).
أما الإمامية: فقد ذهب الكثير منهم إلى القول به:
قال السيد الخوئي (ره): (والصحيح في المقام إمكانه كما ذهب إليه الأكثر،
____________________________________
1 ـ الإحكام للآمدي 4: 143.
2 ـ مسلم الثبوت 2: 320.
3 ـ شرح الكوكب المنير 2: 298.
4 ـ مختصر المنتهى: 221.
5 ـ الأحكام للآمدي 2: 694.