ـ(106)ـ
تقسيم الاجتهاد بلحاظ الإطلاق والتجزئة
إن من جملة التقسيمات للاجتهاد هو: تقسيمه إلى مطلق ومتجزئ، وأرادوا بالاجتهاد المطلق: (ما يقتدر به على استنباط الأحكام الفعلية (1) من أمارة معتبرة، أو أصل معتبر عقلاً ونقلاً في الموارد التي يظفر فيها بها) (2).
وقال الشيخ المراغي: (إن المجتهد قد يكون أهلاً لاستنباط الأحكام الشرعية جميعها؛ لتوفر الشروط فيه، وذهب أكثر علماء المسلمين إلى إمكانه)(3)؛ لأن ملكة الاجتهاد إنما تنشأ من الإحاطة بكل ما يرتكز عليه قياس الاستنباط، سواء ما وقع منه موقع الصغرى لقياس الاستنباط: كالوسائل التي يتوقف عليها تحقيق النص، أو الكبرى: كمباحث الحجج والأصول العملية. وعندما لا يكون لنفسه رأيا فيها ـ لا يتداخله الوهم أو الشك ـ لا يسوغ لـه ادعاء الاجتهاد، ولا استنباط حكم واحد؛ لعدم المؤمن لـه من قيام حجة يجهلها من الحجج الأخرى على خلاف ما استفاده من النص. وقد تكون سمة هذه الحجة لديه سمة الحاكم (4) أو الوارد (5) على ذلك النص.
وقد وقع الكلام في إمكانه وعدمه، فالقائلون بإمكانه يريدون به: (ملكة يقتدر بها المجتهد على فهم النصوص واستثمار الأحكام الشرعية منها، واستنباط الحكم فيما لا
___________________________________
1 ـ ذكر الأصوليون عدة رتب ومراحل للحكم: منها مرحلة المبادئ والملاكات، ومرحة الإنشاء والجعل، ومرحلة الفعلية والتنجز
2 ـ الكفاية للآخوند الخراساني 2: 348، 423، المطبوعة مع حاشية الرشتي.
3 ـ الاجتهاد للشيخ المراغي: 27، ورسالة الإسلام: السنة 1 / 3: 352.
4 ـ و(5) الحكومة والورود إجمالاً: اصطلاحان يطلقان على بعض حالات التعارض بين الأدلة، والفرق بينهما دقيق، والتفصيل يطلب من مظانه