ـ(101)ـ
كتاباً وسنة، وفي عصر الصحابة وعصر تكوين المذاهب. ولا يخفى على المتتبع أن كلمة (الاجتهاد) لم تذكر في القرآن الكريم كما قال بعضهم، وإنما جاءت عبارة (جَهد ـ بالفتح) في خمس آيات، وكلمة (الجُهد ـ بالضم) في آية واحدة.
قال تعالى: [ويقول الذين آمنوا اهؤلاء الذين اقسموا بالله جَهد أيمانهم..](1)، وقال سبحانه وتعالى [والذين لا يجدون إلاّ جُهدهم فيسخرون منهم..](2)، وقال تعالى: [والذين جَاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا](3)، قال الفراء:(الجهد في الآية: الطاقة) (4). ومن هنا نرى أن مادة (الاجتهاد) في الكتاب لا تختلف عن مدلولها اللغوي، وهو (الطاقة) على ما صرح به جمع من أئمة اللغة، علما بأنه لم يستعمل هذا الاصطلاح ولا غيره من المصطلحات من قبيل: فقيه، ومجتهد، واستحسان، ومصالح مرسلة إلاّ بعد القرن الأول، حين بدأ عهد التدوين والتعقيد ووضع الاصطلاحات، وظهرت هذه المصطلحات واحداً بعد واحد في أزمان متفاوتة.
الاجتهاد في السنة:
يدعي البعض أنه لم يظفر في السنة الشريفة على كلمة الاجتهاد بهيئتها ومادتها الخاصة كما صرح به السيد محمد بحر العلوم، ولكنه وجدت في هيئات أخرى في جملة من الأحاديث (5) على ما قيل ونقل (6).
فمنها: حديث معاذ بن حبل، فقد روى أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لمعاذ حين أرسله إلى اليمن: (بم تحكم؟ قال: بكتاب الله، قال: قال:
______________________________
1 ـ المائدة : 53.
2 ـ التوبة :79.
3 ـ العنكبوت : 69.
4 ـ لسان العرب: (مادة جهد).
5 ـ لا يخفى أنه قد ورد استعمال (الاجتهاد) في معنى آخر وهو: كثرة العبادة والتهجد، وهذا كان شائعاً آنذاك
6 ـ الاجتهاد للدكتور محمّد بحر العلوم: 30.