ـ(102)ـ
فإن لم تجد؟ قال بسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال: فإن لم تجد؟ قال: أجتهد برأيي (1).
ومنها: قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لابن مسعود: (اقض بالكتاب والسنة إذا وجدتهما، فإن لم تجد الحكم فيهما اجتهد رأيك) (2).
ومنها: حديث ابن العاص، وحديث عقبة بن عامر وغيرهما.
ولكن المتتبع لمصادر الحديث يجد أمامه روايات عديدة وردت عن طريق الجمهور في مدح وذم (3).
العمل بالرأي والاجتهاد، ولسنا الآن بصدد مناقشة هذه الأحاديث، والذي نستخلصه منها بشكل قطعي هو: أن الاجتهاد كان معمولا به في زمن الصحابة، بل في زمن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم نفسه.
كما وردت روايات كثيرة عن طريق الإمامية تدل على حجية ومشروعية الاجتهاد بمعنى الفتوى، وبعضها يدل على عدم جواز العمل بالرأي والقياس (4).
ومنها: قول الامام الصادق ـ عليه السلام ـ لأبان بن تغلب: (اجلس في مسجد المدينة وافت الناس، فإني أحب أن أرى في شيعتي مثلك) (5).
وأما في عصر الصحابة: فإن الاجتهاد بالرأي كان سائداً، وقد صدرت عشرات الفتاوى آنذاك، ولكن يبقى السؤال عن نوع الرأي المعتمد للاجتهاد كمصدر، فقد قيل: إنه القياس، وقيل: إنه الاستحسان والمصالح المرسلة، وعليه فلا تحديد للرأي المعتمد هنا كأساس للاجتهاد.
أما في عصر نشوء المذاهب وما بعدها: فقد انطلق الاجتهاد من مفهومه اللغويّ
____________________________
1 ـ الأحكام للآمدي 4: 68. سنن أبي داوود 2: 222، مسند أحمد 5: 230، عدة الأصول للشيخ الطوسي 2: 285.
2 ـ المصادر السابقة.
3 ـ راجع ملخص أبطال القياس والرأي والاستحسان والتقليد والتعليل لابن حزم الظاهري الأندلسي.
4 ـ تقريرات السيد الخوني (الخلخالي) مدارك العروة الوثقى 1: 16
5 ـ وسائل الشيعة باب: 11 من أبواب صفات القاضي 37: 19.