@ 134 @ .
وأما المذهب الثاني وهو من قال : ( ( المرسل حجة مطلقاً ) ) فقد نقل عن مالك ، وأبي حنيفة ، وأحمد في رواية حكاها النووي ، وابن القيم ، وابن كثير ، وغيرهم . وحكاه النووي أيضا في شرح المهذب عن كثيرين من الفقهاء أو أكثرهم . قال : ( ( ونقله الغزالي عن الجماهير ) ) قال القرافي في شرح التنقيح : ( ( حجة الجواز أن سكوته عنه مع عدالة الساكت ، وعلمه أن روايته يترتب عليها شرع عام ، فيقتضى ذلك أنه ما سكت عنه إلا وقد جزم بعدالته ؛ فسكوته كإخباره بعدالته ، وهو لو زكاه عندنا ، قبلنا تزكيته ، وقبلنا روايته ؛ فكذلك سكوته عنه ، حتى قال بعضهم : إن المرسل أقوى من المسند بهذا الطريق ، لأن المرسل قد تذمم الراوي وأخذه في ذمته عند الله تعالى وذلك يقتضى وثوقه بعدالته ؛ وأما إذا أسند فقد فوض أخره للسامع ، ينظر فيه ، ولم يتذممه ؛ فهذه الحالة أضعف من الإرسال ) ) انتهى . وفي التدريب عن ابن جرير قال : ( ( أجمع التابعون بأسرهم على قبول المرسل ، ولم يات عنهم إنكاره ولا عن أحد من الأئمة بعدهم إلى رأس المئتين ؛ قال ابن عبد البر : كأنه يعنى أن الشافعي أول من رده ) ) انتهى . وقال السخاوي في فتح المغيث : ( ( قال أبو داود في رسالته : وأما المراسيل فقد كان أكثر العلماء يحتجون بها فيما مضى ، مثل سفيان الثوري ، ومالك ، والأوزاعي حتى جاء الشافعي رحمه الله ، فتكلم في ذلك ، وتابعه عليه أحمد وغيره . ) ) انتهى . ثم اختلفوا : هل هو أعلى منه المسند ، أو دونه ، أو مثله ؟ وتظهر فائدة الخلاف عند التعارض ؛ والذي ذهب إليه أحمد ، وأكثر المالكية ، والمحققون من الحنفية ، كالطحاوي وأبي بكر الرازي ، تقديم المسند . قال ابن عبد البر : ( ( وشبهوا ذلك بالشهود ، يكون بعضهم أفضل حالاً من بعض ، وأقعد وأتم معرفة ، وإن كان الكل عدولاً جائزي الشهادة ) ) انتهى . .
والقائلون بأنه أعلى وأرجح من المسند ، وجهوه بأن من أسند فقد أحالك على إسناده ، والنظر في أحوال رواته ، والبحث عنهم ، ومن أرسل مع علمه ودينه وإمامته وثقته ،