@ 119 @ وذلك ينافي ما تقرر من عدم ثبوت الأحكام بالأحاديث الضعيفة . وقد حاول بعضهم التفصي عن ذلك وقال : إن مراد النووي أنه إذا ثبت حديث صحيح أو حسن في فضيلة عمل من العمال ، تجوز رواية الحديث الضعيف في هذا الباب ؛ ولا يخفي أن هذا لا يرتبط بكلام النووي فضلاً عن أن يكون مراده ! فكم من فرق بين جواز العمل واستحبابه ، وبين مجرد نقل الحديث ؟ على أنه لو لم يثبت الحديث الصحيح أو الحسن في فضيلة عمل من الأعمال ، يجوز نقل الحديث الضعيف فيها ؛ لا سيما من التنبيه على ضعفه . ومثل ذلك في كتب الحديث وغيره كثير شائع ، يشهد به من تتبع أدنى تتبع . والذي يصلح للتعويل ، أنه إذا وجد حديث ضعيف في فضيلة عمل من الأعمال ، ولم يكن هذا العمل مما يحتمل الحرمة أو الكراهة ، فإنه يجوز العمل به ويستحب ، لأنه مأمون الخطر ، ومرجو النفع ، إذ هو دائر بين الإباحة والاستحباب ، فالاحتياط العمل به رجاء الثواب . وأما إذا دار بين الحرمة والاستحباب ، فلا وجه لاستحباب العمل به . وأما إذا دار بين الكراهة والاستحباب ، فمجال النظر فيه واسع إذ في العمل دغدغة الوقوع في المكروه ، وفي الترك مظنة ترك المستحب ؛ فلينظر إن كان خطر الكراهة أشد ، بأن تكون الكراهة المحتلمة شديدة ، كان خطر الكراهة أضعف ، بأن تكون الكراهة على تقدير وقوعها ضعيفة ، دون مرتبة ترك العمل على تقدير استحبابه ، فالاحتياط العمل به ؛ وفي صورة المساواة يحتاج إلى نظر تام ، والظاهر أنه يستحب أيضاً ، لأن المباحات تصير بالنية عبادة ، فكيف ما فيه شبهة الاستحباب لأجل الحديث الضعيف ؟ فجواز العمل واستحبابه مشروطان ؛ أما جواز العمل ، فبعدم احتمال الحرمة ، وأما الاستحباب فيما ذكر مفصلاً . .
( ( تقي ههنا شيء وهو أنه عدم احتمال الحرمة فجواز العمل ليس لأجل الحديث إذ لم يوجد يجوز العمل أيضاً ، لأن المفروض انتفاء الحرمة . لا يقال : الحديث الضعيف ينفي احتمال الحرمة ، لأنا نقول : الحديث الضعيف لا يثبت به شيء من الأحكام الخمسة ،