@ 93 @ سوء القصد ، فيتفق سوء الفهم في بعض الأشياء من المتبوع ، مع حسن قصده ، وسوء القصد من التابع ، فيا محنة الدين وأهله ! والله المستعان . وهل أوقع القدر به والمرجئة والخوارج والمعتزلة والجهمية والروافض وسائر طوائف أهل البدع إلا سوء الفهم عن الله ورسوله ، حتى صار الدين بأيدي أكثر الناس ، هو موجب هذه الأفهام ! والذي فهمه الصحابة رضي الله تعالى عنهم ومن تبعهم عن الله ورسوله فمهجور لا يلتفت إليه ، ولا يرفع هؤلاء به رأساً ؛ ولكثرة أمثلة هذه القاعدة تركناها ، فإنا لو ذكرناها لزادت على عشرات ألوف ، حتى إنك لتمر على الكتاب من أوله إلى آخره ، فلا تجد صاحبه فهم عن الله ورسوله مراده كما ينبغي في موضع واحد ، وهذا إنما يعرفه من عرف ما عند الناس وعرضه على ما جاء به الرسول . وأما من عكس الأمر فعرض ما جاء به الرسول على ما اعتقده وانتحله ، وقلد فيه من أحسن به الظن ، فليس يجدي الكلام معه شيئاً ، فدعه وما اختاره لنفسه ووله ما تولى ، وأحمد الذي عافاك مما ابتلاه به ) ) انتهى . .
وقال الإمام علم الدين الشيخ صالح الفلاني المالكي الأثري في كتابه ( ( إيقاظ الهم ) ) : ( ( ترى بعض الناس إذا وجد حديثاً يوافق مذهبة ، فرح به وانقاد له وسلم ؛ وإن وجد حديثاً صحيحاً سالماً من النسخ والمعارض ، مؤيداً لمذهب غير إمامه ، فتح له باب الاحتمالات البعيدة ، وضرب عنه الصفح والعارض ، ويلتمس لمذهب إمامه أوجها من الترجيح ، مع مخالفته للصحابة والتابعين والنص الصريح ؛ وإن شرح كتابا من كتب الحديث حرف كل حديث خلف رأيه الحديث ؛ وإن عجز من ذلك كله أدعى النسخ بلا دليل ، أو الخصوصية ، أو عدم العمل به ، أو غير ذلك مما يحضر ذهنه العليل ؛ وإن عجز عن ذلك كله أدعى أن إمامه اطلع على كل مروي أو جله ، فما ترك هذ 1 الحديث الشريف ، إلا وقد اطلع على طعن فيه برأيه المنيف ، فيتخذ علماء مذهبه أربابا ، ويفتح لمناقبهم وكراماتهم أبواباً ، ويعتقد أن كل من خالف ذلك لم يوافق صواباً ؛ وإن نصحه أحد من علماء السنة اتخذه عدوا ، ولو كانوا قبل ذلك أحباباً ؛ وإن وجد كتابا من كتب مذهب