@ 90 @ النصوص ، وساغ لكل من لم يعلم مخالفاً في حكم مسالة ، أن يقدم جهله بالمخالف على النصوص ؛ فهذا هو الذي أنكره الإمام أحمد والشافعي من دعوى الإجماع ، لا ما يظنه بعض الناس أنه استبعاد لوجوده ) ) انتهى . .
وقال العارف الشعراني قدس الله سره في الميزان : ( ( فإن قلت : ( ( فما أصنع بالأحاديث التي صحت بعد موت إمامي ، ولم يأخذ بها ؟ ) ) فالجواب : ( ( ينبغي لك أن تعمل بها ، فإن إمامك لو ظفر بها ، وصحت عنده ، لربما كان أمرك بها ؛ فإن الأئمة كلهم أسرى في يد الشربعة ، ومن فعل ذلك فقد جاز الخير بكلتا يديه ؛ ومن قال : ( ( لا أعمل بالحديث إلا إن أخذ به إمامي ! ) ) فاته خير كثير ، كما عليه كثير من المقلدين لأئمة المذاهب ، وكان الأولى لهم العمل بكل حديث صح بعد إمامهم ، تنفيذاً لوصية الأئمة ؛ فإن اعتقادنا فيهم ، أنهم لو عاشوا وظفروا بتلك الأحاديث التي صحت بعدهم ، لأخذوا بها ، وعملوا بها وتركوا كل قياس كانوا قاسوه ، وكل قول كانوا قالوه . وقد بلغنا من طرق صحيحة أن الإمام الشافعي أرسل بقول للإمام أحمد بن حنبل : ( ( إذا صح عندكم حديث فأعلموا به لنأخذ به ونترك كل قول قلناه قبل ذلك ، أو قاله غيرنا ، فإنكم أحفظ للحديث . ونحن أعلم به ) ) . .
وقال الشعراني قدس سره أيضاً في الرد على من يزعم أن الإمام أبا حنيفة رضي الله عنه ، يقدم القياس على الحديث ما نصه : ( ( ويحتمل أن الذي أضاف إلى الإمام أبي حنيفة أنه يقدم القياس على النص ، ظفر بذلك في كلام مقلديه الذين يلزمون العمل بما وجدوه عن إمامهم من القياس ، ويتركون الحديث الذي صح بعد موت الإمام ، فالإمام معذور ، وأتباعه غير معذورين ؛ وقولهم : ( ( إن إمامنا لم يأخذ بهذا الحديث ) ) لا ينهض حجة ، لاحتمال أنه لم يظفر به أو ظفر به لكن لم يصح عنده ؛ وقد تقدم قول الأئمة كلهم : ( ( إذا صح الحديث فهو مذهبنا ) ) وليس لأحد معه قياس ولا حجة ، إلا طاعة الله وطاعة رسوله بالتسليم له ) ) انتهى .