@ 373 @ يكون عالماً بموجبه ، وإذا لم يكن قد بلغه وقد قال في تلك القضية بموجب ظاهر آية أو حديث آخر أو بموجب قياس أو موجب استصحاب ، فقد يوافق ذلك الحديث تارة ويخالفه أخرى وهذا السبب الغالب على أكثر ما يوجد من أقوال السلف مخالفاً لبعض الأحاديث ، فإن الإحاطة بحديث رسول الله لم تكن لأحد من الأمة . وقد كان النبي يحدث أو يفتي أو يقضي أو يفعل الشيء فيسمعه أو يراه من يكون حاضراً ويبلغه أولئك أو بعضهم لمن يبلغونه ، فينتهي علم ذلك إلى من شاء الله من العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم ، ثم في مجلس آخر قد يحدث أو يفتي أو يقول شيئاً ، ويشهده بعض من كان غائباً من ذلك المجلس ، ويبلغونه لمن أمكنهم ، فيكون عند هؤلاء من العلم ما ليس عند هؤلاء ، وعند هؤلاء ما ليس عند هؤلاء ، وإنما يتفاضل العلماء من الصحابة ومن بعدهم بكثرة العلم ، أو جودته . وأما إحاطة واحد بجميع حديث رسول الله ، فهذا لا يمكن ادعاؤه قط 1 واعتبر ذلك بالخلفاء الراشدين الذين هم أعلم الأمة بأمور رسول الله ، وسنته وأحواله ، خصوصاً الصديق رضي الله عنه ، الذي لم يكن يفارقه حضراً ولا سفراً ، بل كان يكون معه في غالب الأوقات ، حتى إنه يسمر عنده بالليل في أمور المسلمين . وكذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، فإنه كثيراً ما يقول : ( ( دخلت أنا وأبو بكر وعمر وخرجت أنا وأبو بكر وعمر ) ) . ثم مع ذلك لما سئل أبو بكر رضي الله عنه عن ميراث الجدة قال : ( ( مالك في كتاب الله في شيء ، ولكن اسأل الناس ) ) فسألهم . فقام المغيرة بن شعبة ، ومحمد بن مسلمة فشهد أن النبي أعطاها السدس ، وقد بلغ هذه السنة عمران بن حصين وليس هؤلاء الثلاثة مثل أبي بكر وغيره من الخلفاء . ثم قد اختصوا بعلم هذه السنة التي قد اتفقت الأمة على العمل بها . وكذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، لم يكن يعلم سنة الاستئذان حتى أخبره بها أبو موسى ، استشهد بالأنصار . وعمر أعلم من حدثه بهذه