@ 371 @ فظن البعض تعصباً دينياً ، حاشاهم من ذلك . وقد كان في الصحابة والتابعين ومن بعدهم من يقرا البسملة ، ومنهم من لا يقرؤها ، ومنهم من يجهر بها ، ومنهم لا يجهر بها ، وكان منهم من يقنت في الفجر ، ومنهم من لا يقنت في الفجر ومنهم من يتوضأ من الحجامة والرعاف والقيء ، ومنهم من لا يتوضأ من ذلك ، ومنهم من يتوضأ مما مسته النار ، ومنهم من لا يتوضأ من ذلك ، ومنهم من يتوضأ من أكل لحم الإبل ، ومنهم من لا يتوضأ من ذلك ؛ ومع هذا فكان بعضهم يصلي خلف بعض ، مثل ما كان أبو حنيفة أو أصحابه والشافعي وغيرهم رضي الله عنهم يصلون خلف أئمة المدينة من المالكية وغيرهم ، وإن كانوا لا يقرءون البسملة لا سرا ولا جهراً . وصلى الرشيد إماماً وقد احتجم ، فصلى الإمام أبو يوسف خلفهن ولم يعد وكان أفتاه الإمام مالك بأنه لا وضوء عليه . وكان الإمام أحمد بن حنبل يري الوضوء من الرعاف والحجامة ، فقيل له : فإن كان الإمام قد خرج منه الدم ولم يتوضأ ، هل تصلي خلفه ؟ فقال كيف لا أصلي خلف الإمام مالك وسعيد بن المسيب ؟ وروي أن أبا يوسف ومحمداً كانا يكبران في العيدين تكبير ابن عباس ، لأن هرون الرشيد كان يحب تكبير جده . وصلى الشافعي رحمه الله الصبح قريباً من مقبرة أبي حنيفة رحمه الله فلم يقنت تأدباً معه . وقال أيضاً : ربما انحدرنا إلى مذهب أهل العراق . وقال مالك رحمه الله للمنصور وهارون الرشيد ، ما ذكرنا عنه سابقا . وفي البرازية عن الإمام الثاني ، وهو أبو يوسف رحمه الله ، أنه صلى يوم الجمعة مغتسلاً من الحمام ؛ وصلى بالناس وتفرقوا ، ثم أخبر بوجود فأرة ميتة في بئر الحمام ، فقال : إذن نأخذ بقول إخواننا من أهل المدينة : ( ( إذا بلغ الماء فلتين لم يحمل خبثاً ) ) انتهى . .
ثم قال الدهلوي قدس سره ( ( ومنها : أني وجدت بعضهم يزعم أن هنالك فرقتين لا ثالث لهما : أهل الظاهر ، وأهل الرأي ؛ وأن كل من قاس واستنبط فهو من أهل الرأي . كلا والله ! بل ليس المراد بالرأي نفس الفهم والعقل ، فإن ذلك لا ينفك من أحد من العلماء ، ولا الرأي الذي لا يعتمد على سنة أصلاً ، فإنه لا ينتحله مسلم البتة ، ولا القدرة على الاستنباط والقياس ، فإن أحمد وإسحاق بل الشافعي أيضاً ، ليسوا من أهل الرأي بالاتفاق ، وهم يستنبطون ويقيسون ، بل المراد من أهل الرأي قوم توجهوا بعد المسائل المجمع عليها بين