@ 370 @ فما الذي يستبعد من ذلك ؟ وأما ما دون ذلك من الناس ، فمذهبه فيما يرد عليه كثيراً ، ما أخذه عن أصحابه وآبائه وأهل بلده من المذاهب المتبعة ، وفي الوقائع النادرة فتاوي مفتيه ، وفي القضايا ما يحكم القاضي ، وعلى هذا وجدنا محققي العلماء من كل مذهب ، قديماً وحديثاً ، وهو الذي أوصي به أئمة المذاهب أصحابهم ) ) . .
ثم قال الدهلوي رحمه الله : ( ( قال ابن الصلاح : من وجد من الشافعية حديثاً يخالف مذهبه ، نظر : إن كملت له آله الاجتهاد مطلقاً ، أو في ذلك الباب أو المسألة ، كان له الاستقلال بالعمل به ، وإن لم يكمل له آلة الاجتهاد ، وشق مخالفة الحديث بعد أن يبحث ، فلم يجد للمخالف جواباً شافياً عنه ، فله العمل به ، إن كان عمل به إمام مستقل غير الشافعي ويكون هذا عذراً له في ترك مذهب إمامه ها هنا ، وحسنة النووي . .
( ( ومنها : أن أكثر صور الاختلاف بين الفقهاء لا سيما في المسائل التي ظهر فيها أقوال الصحابة في الجانبين ، كتكبيرات التشريق ، وتكبيرات العيدين ، ونكاح المحرم ، وتشهد ابن عباس وابن مسعود ، والإخفاء بالبسملة وبأمين والإسفاع والإيثار في الإقامة ونحو ذلك إنما هو في ترجيح أحد القولين . وكان السلف لا يختلفون في أصل المشروعية وإنما كان خلافهم في أولي الأمرين . ونظيره اختلاف القراء في وجوه القراءة ، وقد عللوا كثيراً من هذا الباب بأن الصحابة مختلفون ، وأنهم جميعاً على الهدى ، ولذلك لم يزل العلماء يجوزون فتاوى المفتين في المسائل الاجتهادية ، ويسلمون قضاء القضاة ، ويعملون في بعض الأحيان بخلاف مذهبهم ، ولا ترى أئمة المذاهب في هذه المواضع إلا وهم يضجعون القول ويبينون الخلاف . يقول أحدهم : هذا أحوط وهذا هو المختار ، وهذا أحب إلي . ويقول : ما بلغنا إلا ذلك . وهذا كثير في المبسوط ، وآثار محمد رحمه الله ، وكلام الشافعي رحمه الله ، ثم خلف من بعدهم خلف اختصروا كلام القوم ، فقووا الخلاف وثبتوا على مختار أئمتهم . والذي يروي من السلف من تأكيد الأخذ بمذهب أصحابهم وأن لا يخرج منها بحال ، فإن ذلك إما لأمر جبلي ، فإن إنسان يجب ما هو مختار أصحابه وقومه حتى في الزي والمطاعم ، أو لصوله ناشئة من ملاحظة الدليل ، أو لنحو ذلك من الأسباب .