@ 367 @ أرباباً من دون الله ) ) قال إنهم لم يكونوا يعبدونهم ، ولكنهم كانوا إذا أحلوا لهم شيئاً استحلوه ، وإذا حرموا عليهم شيئاً حرموه . وفيمن لا يجوز أن يستفتي الحنفي مثلاً فقيهاً شافعيا وبالعكس ولا يجوز أن يقتدي الحنفي بإمام شافعي مثلاً ، فإن هذا قد خالف إجماع القرون الأولى وناقض الصحابة والتابعين ؛ وليس محله فيمن لا يدين إلا بقول النبي ، ولا يعتقد حلالاً إلا ما أحله الله ورسوله ، ولا حراماً إلا ما حرمه الله ورسوله ، لكنه لما لم يكن له علم بما قاله النبي ، ولا بطريق الجمع بين المختلفات من كلامه ولا بطريق الاستنباط من كلامه اتبع عالماً راشداً على أنه مصيب فيما يقول ويفتي ظاهراً ، متبع سنة رسول الله ، فإن خالف ما يظنه ، أفلع من ساعته من غير جدال ولا إصرار ، فهذا كيف ينكره أحد ، مع أن الاستفتاء والإفتاء لم يزل بين المسلمين من عهد النبي ، ولا فرق بين أن يستفتي هذا دائماً ، أو يستفتي هذا حيناً ، وذلك حيناً ، بعد أن يكون مجمعاً على ما ذكرناه . كيف لا ولم نؤمن بفقيه أياً كان أنه أوحي الله إليه الفقه ، وفرض علينا طاعته ، وأنه معصوم ، فإن اقتدينا بواحد منهم ، فذلك لعلمنا بأنه عالم بكتاب الله وسنة رسوله ، فلا يخلو قوله إما أن يكون من صريح الكتاب والسنة ، أو مستنبطاً منهما بنحو من الاستنباط ، أو عرف بالقرائن أن الحكم في صورة ما منوط بعلة كذا ، وأطمان قلبه بتلك المعرفة ، فقاس غير المنصوص على المنصوص ، فكأنه يقول : ظننت أن رسول الله قال : كلما وجدت هذه العلة فالحكم في طريقة ظنون . ولولا ذلك لما قلد مؤمن مجتهداً . فإن بلغنا حديث من الرسول المعصوم الذي فرض الله علينا طاعته بسند صالح يدل على خلاف مذهبه ، وتركنا حديثه واتبعنا ذلك التخمين ، فمن أظلم منها ؟ وما عذرنا يوم يقوم الناس لرب العالمين ؟ .
( ( ومنها : أن التخريج على كلام الفقهاء وتتبع لفظ الحديث لكل منهما أصل أصيل في الدين ، ولم يزل المحققون من العلماء في كل عصر يأخذون بهما ، فمنهم من يقل من ذا .