@ 366 @ ظهر عليه ظهوراً بيناً ، أن النبي أمر بكذا ، ونهى عن كذا ، وأنه ليس بمنسوخ ، إما بأن يتتبع الأحاديث ، وأقوال المخالف والموافق في المسألة ، فلا يجد لها نسخاً ، أو بأن يرى جماً غفيراً من المتبحرين في العلم يذهبون إليه ، ويرى المخالف له لا يحتج إلا بقياس أو استنباط ، أو نحو ذلك ، فحينئذ لا سبب لمخالفة حديث النبي إلا نفاق خفي أو حمق جلي . وهذا هو الذي أشار إليه الشيخ عز الدين بن عبد السلام حيث قال : ( ( ومن العجب العجيب أن الفقهاء المقلدين يقف أحدهم على ضعف مأخذ إمامه ، بحيث لا يجد لضعفه مدفعاً ، وهو مع ذلك يقلده فيه ، ويترك من شهد الكتاب والسنة والأقيسة الصحيحة لمذهبهم جموداً على تقليد إمامه ، بل بتحيل لدفع ظاهر الكتاب والسنة ويتأولها بالتأويلات البعيدة الباطلة ، نضالاً عن مقلدة ) ) . وقال : ( ( لم يزل الناس يسألون من اتفق من العلماء من غير تقييد بمذهب ولا إنكار على أحد من السائلين ، إلى أن ظهرت هذه المذاهب ، ومتعصبوها من المقلدين ، فإن أحدهم يتبع إمامه مع بعد مذهبه عن الأدلة ، مقلداً لهم فيما قال ، كأنه نبي أرسل ، وهذا نأي عن الحق ، وبعد عن الصواب ، لا يرضي به أحد من أولي الألباب ) ) وقال الإمام أبو شامة : ( ( ينبغي لمن اشتغل بالفقه أن لا يقتصر على مذهب إمام ، ويعتقد في كل مسألة صحة ما كان أقرب إلى دلالة الكتاب والسنة المحكمة ، وذلك سهل عليه إذا كان أتقن معظم العلوم المتقدمة ، وليجتنب التعصب والنظر في طرائق الخلاف المتأخرة ، فإنها مضيعة للزمان ، ولصفوه مكدرة ، فقد صح عن الشافعي أنه نهى عن تقليده وتقليد غيره . قال صاحبه المزني في أول مختصره : ( ( اختصرت هذا من علم الشافعي ، ومن معنى قوله لأقر به على من أراد ، مع إعلامية نهيه عن تقليده وتقليد غيره ، لينظر فيه لدينه ، ويحتاط لنفسه ، أي مع إعلامي من أراد علم الشافعي : نهى الشافعي عن تقليده وتقليد غيره ) ) انتهى . وفيمن يكون عامياً ويقلد رجلاً من الفقهاء بعينه يرى أنه يمتنع من مثله الخطأ ، وأن ما قاله هو الصواب البتة ، وأضمر في قلبه أن لا يترك تقليده ، وإن ظهر الدليل على خلافه . وذلك ما رواه الترمذي عن عدي بن حاتم أنه قال : ( ( سمعت رسول الله يقرأ ( ( أتخذوا أحبارهم ورهبانهم