@ 334 @ .
( ( ونشأ الشافعي في أوائل ظهور المذهبين وترتيب أصولهما وفروعهما ، فنظر في صنيع الأوائل فوجد فيه أموراً كبحث عنانه عن الجريان في طريقهم ، وقد ذكرها في أوائل كتاب الأم . منها : أنه وجدهم يأخذون بالمرسل والمنقطع ، فيدخل فيهما الخلل ، فإنه إذا جمع طرق الحديث يظهر أنه كم من مرسل لا أصل له وكم من مرسل يخالف مسنداً ، فقرر أن لا يأخذ بالمراسيل إلا عند وجود شروط ، وهي مذكورة في كتب الأصول . ومنها : أنه لم تكن قواعد الجمع بين المختلفات مضبوطة عندهم ، فكان يتطرق بذلك خلل في مجتهداتهم ، فوضع لها أصولاً ، ودونها في كتاب ، وهذا أول تدوين كان في أصول الفقه ، مثاله : ما بلغنا أنه دخل على محمد بن الحسن وهو يطعن على أهل المدينة في قضائهم بالشاهد الواحد مع اليمين ، ويقول هذا زيادة على كتاب الله فقال الشافعي : أثبت عندك أنه لا تجوز الزيادة على كتاب الله بخبر الواحد ؟ قال نعم . قال : فلم قلت : إن الوصية للوارث لا تجوز ، لقوله : ( ( ألا لا وصية لوارث ) ) وقد قال الله تعالى : ( ^ كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت ) . الآية ، وأورد عليه أشياء من هذا القبيل ، فانقطع كلام محمد بن الحسن . ومنها : أن بعض الأحاديث الصحيحة لم يبلغ علماء التابعين ممن وسد إليهم الفتوى فاجتهدوا بآرائهم ، واتبعوا العمومات واقتدوا بمن مضى من الصحابة ، فأفتوا حسب ذلك ، ثم ظهرت بعد ذلك في الطبقة الثالثة ، فلم يعملوا بها ، ظناً منهم أنها تخالف عمل أهل مدينتهم ، وسنتهم التي لا اختلاف لهم فيها ، وذلك قادح في الحديث ، وعلة مسقطة له ، أو لم تظهر في الثالثة ، وإنما ظهرت بعد ذلك عندما أمعن أهل الحديث في جمع طرق الحديث ، ورحلوا إلى أقطار الأرض ، وبحثوا عن حملة العلم ، فكثر من الأحاديث ما لا يرويه من الصحابة إلا رجل أو رجلان ، ولا يرويه عنه أو عنهما إلا رجل أو رجلان وهلم جرا . . . فخفي على أهل الفقه ، وظهر في عصر الحفاظ الجامعين لطرق الحديث كثير من الأحاديث رواه أهل البصرة مثلاً ، وسائر الأقطار في غفلة منهن فبين الشافعي أن العلماء من الصحابة والتابعين ، لم يزل شأنهم أنهم يطلبون الحديث في المسألة ، فإذا لم يجدوا تمسكوا بنوع آخر من الاستدلال ،