@ 332 @ وفتاوي إبراهيم أحق بالأخذ عند أهل الكوفة من غيره ، وهو قول علقمة حين مال مسروق إلى قول زيد بن ثابت في التشريك ، قال : هل أحد منكم أثبت من عبد الله ؟ فقال : لا ، ولكن رأيت زيد بن ثابت وأهل المدينة يشركون ، فإن اتفق أهل البلد على شيء أخذوا بنواجذه ، وهو الذي يقول في مثله مالك : السنة الني لا اختلاف فيها عندنا كذا وكذا ، وإن اختلفوا أخذوا بأقواها وأرجحها ، إما بكثرة القائلين به ، أو لموافقته لقياس قوى أو تخريج من الكتاب والسنة ، وهو الذي يقول في مثله مالك : هذا أحسن ما سمعت ، فإذا لم يجدوا فيما حفظوا منهم جواب المسألة ، خرجوا من كلامهم ، وتتبعوا الإيماء والاقتضاء . وألهموا في هذه الطبقة التدوين ، فدون مالك ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب بالمدينة ، وابن جريج وابن عيينة بمكة والثوري بالكوفة ، وربيع بن الصبيح بالبصرة ، وكلهم مشوا على هذا المنهج الذي ذكرته . ولما حد المنصور قال لمالك : قد عزمت أن آمر بكتبك هذه التي صنفتها فتنسخ ، ثم أبعث في كل مصر من أمصار المسلمين منها نسخة ، وآمرهم بأن يعملوا بما فيها ، ولا يتعدوه إلى غيره ! فقال : يا أمير المؤمنين ! لا تفعل هذا ، فإن الناس قد سبقت إليهم أقاويل ، وسمعوا أحاديث ، ورووا روايات ، وأخذ كل قوم بما سبق إليهم وأتوا به من اختلاف الناس ، فدع الناس ، وما اختار أهل كل بلد منهم لنفسهم . ويحكي نسبة هذه القصة إلى هرون الرشيد وأنه شاور مالكاً في أن يعلق الموطأ في الكعبة ويحمل الناس على ما فيه ، فقال : لا تفعل ! فإن أصحاب رسول الله اختلفوا في الفروع وتفرقوا في البلدان ، وكل سنة مضت . قال : وفقك الله يا أبا عبد الله . ( حكاه السيوطي ) . وكان مالك من أثبتهم في حديث المدنيين عن رسول الله ، وأوثقهم إسناداً ، وأعلمهم بقضايا عمر ، وأقاويل عبد الله بن عمر وعائشة وأصحابهم من الفقهاء السبعة ، وبه وبأمثاله قام علم الرواية والفتوى . فلما وسد إليه الأمر حدث وأفتي وأجاد ، وعله انطبق قول النبي : ( ( يوشك أن يضرب الناس أكباد الأبل ، يطلبون العلم ، يطلبون العلم فلا يجدون أحداً أعلم