@ 322 @ الآجرى - وقد ذكر بعض الحيل الربوية التي يفعلها الناس - : لقد مسخت اليهود قردة بدون هذا ، ولقد صدق إذا أكل حوت صيد يوم السبت ، أهون عند الله وأقل جرماً من أكل الربا الذي حرمه الله بالحيل والمخادعة ، ولكن قال الحسن : عجل لأولئك عقوبة تلك الأكلة الوخيمة ، وأرجئت عقوبة هؤلاء . فهذه العظائم والمصائب الفاضحات ، لو اعتمدها مخلوق مع مخلوق ، لكان في نهاية القبح ، فكيف بم يعلم السر وأخفي ؟ وإذا وازن اللبيب بين حيلة أصحاب السبت ، والحيل التي يتعاطاها أرباب الحيل في كثير من الأبواب ، ظهر له التفاوت ومراتب المفسدة التي بينها وبين هذه الحيل ، فإذا عرف قدر الشرع ، وعظمة الشارع ، وحكمته وما اشتمل عليه شرعه من رعاية مصالح عبادة ، تبين له حقيقة الحال ، وقطع بأن الله سبحانه تنزه وتعالى أن يسوغ لعبادة نقض شرعه وحكمته بأنواع الخداع والاحتيال ) ) 1 ه . .
وكما بسط رحمه الله الكلام في ذلك في ( ( أعلام الموقعين ) ) أطنب فيه أيضاً في كتابه ( ( إغائة اللهفان ) ) أهتماماً بهذا الموضوع ، ومما جاء فيه قوله : ومن مكايده - يعني الشيطان - التي كاد بها الإسلام وأهله ، الحيل والمكر والخداع الذي يتضمن تحليل ما حرم الله ، وإسقاط ما فرضه ، ومضادته في أمره ونهيه ، وهي من الرأي الباطل الذي اتفق السلف على ذمه ، فإن الرأي رأيان : رأي يوافق النصوص ، وتشهد له بالصحة والاعتبار ، وهو الذي اعتبره السلف وعملوا به ؛ ورأي يخالف النصوص وتشهد له بالإبطال والإهدار ، فهو الذي ذموه وأنكروه . وكذلك الحيل نوعان : نوع يتوصل به إلى فعل ما أمر الله تعالى به ، وترك ما نهى عنه ، والتخلص من الحرام ، وتخليص المحق من الظالم ، المانع له ، وتخليص المظلوم من يد الظالم الباغي . فهذا النوع محمود ظالماً ، والظالم مظلوماً والحق باطلاً ، والباطل حقاً . فهذا النوع الذي اتفق السلف على ذمه وصاحوا بأهله من أقطار الأرض . قال الإمام أحمد رحمه الله : لا يجوز شيء من الحيل في إبطال حق مسلم .