@ 320 @ باسم البيع ظاهر كالحيل الربوية ، التي صورتها صورة البيع ، وحقيقتها حقيقة الربا . ومعلوم أن الربا إنما حرم لحقيقته ومفسدته ، لا لصورته واسمه . فهب أن المرابي لم يسمه ربا ، وسماه بيعاً ، فذلك لا يخرج حقيقته وما هيته عن نفسها . وأما استحلال الخمر باسم آخر ، فكما استحل من استحل المسكر من غير عصير العنب ، وقال : لا أسميه خمراً ، وإنما هو نبيذ ، كما يستحلها طائفة إذا مزجت ويقولون : خرجت بالمزج عن اسم الخمر ، كما يخرج الماء بمخالطة غيره له عن اسم الماء المطلق ، وكما يستحلها من يستحلها إذا اتخذت عقيداً ويقول : هذه عقيد لا خمر . ومعلوم أن التحريم تابع للحقيقة والمفسدة لا الاسم ولا الصورة . وأما استحلال السحت باسم الهدية ، فهو أظهر من أن يذكر ، كرشوة الحاكم والوالي وغيرهما . فإن المرتشي ملعون هو والراشي ، لما في ذلك من المفسدة ، ومعلوم قطعاً أنهما لا يخرجان عن اللعنة ، وحقيقة الرشوة بمجرد اسم الهدية . وقد علمنا وعلم الله وملائكته ومن له اطلاع على الحيل أنها رشوة . وأما استحلال القتل باسم الإرهاب الذي تسميه ولاة الجور سياسة وهيبة وناموساً وحرمة للملك ، فهو أظهر من أن يذكر . وأما استحلال الزنا بالنكاح فهو الزنا بالمرأة التي لا غرض له أن تقيم معه ولا أن تكون زوجته ، وإنما غرضه أن يقضي منها وطره ويأخذ جعلا على الفساد بها ، ويتوصل إلى ذلك باسم النكاح وإظهار صورته ، وقد علم الله ورسوله والملائكة والروح والمرأة أنه محلل لا ناكح ، وأنه ليس بزوج ، وإنما هو نيس مستعار للضراب . فيالله العجب ! أي فرق في نفس الأمر بين الزنا وبين هذا . نعم هذا زنا بشهود من البشر ، وذلك زنا بشهود من الكرام الكاتبين ، كما صرح به أصحاب رسول الله ، وقالا : لا يزالان زانيين وإن مكثا عشرين سنة ، إذا علم أنه إنما يريد أن يحلها . والمقصود أن هذا المحلل ، إذا قيل له : هذا زنا ، قال : ليس يزناً ، بل نكاح . كما أن المرابي إذا قيل له : هذا ربا ، قال : بل هو بيع : ولو أوجب تبدل الأسماء والصور