@ 319 @ لا يسأل العاقد عن جنسها ولا صفتها ولا قيمتها ، ولا عيب فيها ولا يبالي بذلك البتة حتى لو كانت خرقة مقطعة أو أذن جدي أو عوداً من حطب ، أدخلوه محللاً للربا ، ولما تفطن المحتالون إلى أن هذه المسألة لا اعتبار بها في نفس الأمر ، وأنها ليست مقصودة يوجه ، وأن دخولها كخروجها تها ونوابها ، ولم يبالوا بكونها مما يتحول عادة أولا يتحول ولا يبالي بعضهم بكونها مملوكة للبائع أو غير مملوكة ، بل لم يبال بعضهم بكونها مما يباع أو مما لا يباع ، كالمسجد والمنارة والقلعة : وكل هذا واقع من أرباب الحيل . وهذا لما علموا أن المشتري لا غرض له في السلعة ، وقالوا : أي سلعة اتفق حضورها حصل بها التحليل كأي يتس اتفق في باب محلل النكاح . وما مثل من وقف مع الظواهر والألفاظ ولم يراع المقاصد والمعاني ، إلا كمثل رجل قيل له : لا تسلم على صاحب بدعة ، فقبل يده ورجله ولم يسلم عليه . أو قيل له : أذهب فاملأ هذه الجرة ، فذهب وملأها ثم تركها على الحوض ، وقال : لم يقل ائتني بها . وكم قال لوكيله : بع هذه السلعة ؛ فباعها بدرهم وهي تساوي مئة ، ويلزم من وقف مع الظواهر أن يصحح هذا البيع ، ويلزم به الموكل ، وإن نظر إلى المقاصد تناقض حيث ألقاها في غير موضع . وكمن أعطاء رجلاً ثوباً فقال : والله لا ألبسه لما فيه من المنة ، فباعه وأعطاه ثمنه فقبله ! وكمن قال : والله لا أشرب هذا الشراب ، فجعله عقيداً أو ثرد فيه خبزاً وأكله . ويلزم من وقف مع الظواهر والألفاظ أن لا يحد من فعل ذلك بالخمر ، وقد أشار النبي إلى أن من الأمة من يتناول المحرم ويسميه بغير اسمه ، فقال : ( ( لتشر بن ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها يعزف على رءوسهم بالمعازف والقينات ، يخسف الله بهم ويجعل منهم القردة والخنازير . ) ) رواه أحمد وأبو داود . .
قال شيخ الإسلام ابن تيميه : وقد جاء حديث آخر يوافق هذا مرفوعاً وموقوفاً من حديث ابن عباس : ( ( يأتي على الناس زمان يستحل فيه خمسة أشياء بخمسة أشياء يستحلون الخمر باسم يسمونها إياه ، والسحت بالهدية ، والقتل بالرهبة والزنا بالنكاح ، والربا بالبيع . ) ) وهذا حق ، فإن استحلال الربا