@ 303 @ ولا غيركم ، بل صاروا إلى ما وجب عليهم من قبول الخبر عن رسول الله وترك كل عمل خالفه . ولو بلغ عمر هذا صار إليه ، إن شاء الله ، كما صار إلى غيره مما بلغه عن رسول الله بتقواه لله ، وتأديته الواجب عليه في اتباع أمر رسول الله ، وعلمه بأن ليس لأحد مع رسول الله أمر ، وأن طاعة الله في اتباع أمر رسول الله . قال الشافعي : ( ( فإن قال لي قائل : فاد للني على أن عمر عمل شيئاً ، ثم صار إلى غيره لخبر عن رسول الله ، قلت : فإن أوجدتكه ، قال : ففي إيجادك إياي ذلك دليل على أمرين : أحدهما : أنه قد يعمل من جهة الرأي إذا لم يجد سنة ، والآخر : أن السنة إذا وجدت عليه ترك عمل نفسه ، ووجب على الناس ترك كل عمل وجدت السنة بخلافة ، وإبطال أن السنة لا تثبت إلا بخبر تقدمها وعلم أنه لا يوهيها شيء إن خالفها . قال الشافعي : ( ( أخبرنا سفيان عن الزهري عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يقول : والدية على العاقلة ، ولا ترث المرأة من دية زوجها شيئاً ، حتى أخبره الضحاك بن سفيان أن رسول الله كتب إليه أن يورث امرأة أشيم الضباني من ديته ، فرجع إليه عمر ، قال الشافعي : أخبرنا سفيان ، عن عمرو بن دينار وابن طاوس ، عن طاوس ، أن عمر قال : أذكر الله امرءاً سمع من النبي في الجنين شيئاً ، فقام حمل بن مالك بن النابغة فقال : كنت بين جاريتين لي - يعني ضرتين - فضربت إحداهما الأخرى بمسطح ، فألقت جنيناً ميتاً ، فقضى فيه رسول الله بغرة ، فقال عمر رضي الله عنه : لو لم نسمع هذا لقضينا فيه بغير هذا . وقال غيره : إن كدنا أن نقضي في مثل هذا برأينا . قال الشافعي : فقد رجع عمر عما كان يقضي به لحديث الضحاك إلى أن خالف فيه حكم نفسه ؛ وأخبر في الجنين أنه لو لم يسمع بهذا لقضي فيه بغيره ، وقال : إن كذنا أن نقضي في مثل هذا بآراتنا . قال الشافعي : يخبر - والله أعلم - أن السنة إذا كانت موجودة بأن في النفس مائة من الإبل ، فلا يعدو الجنين أن يكون حياً ، فتكون فيه مائة من الإبل ، أو ميتا فلا شيء فيه . فلما أخبر بقضاء رسول الله فيه سلم له ولم يجعل لنفسه إلا اتباعه فيما مضى حكمه بخلافه ، وفيما كان رأيا منه لم