@ 292 @ عمدة المريد الصادق ما نصه : ( ( قال أبو إسحاق الشاطبي : كل ما عمل به المتصوفة المعبرون في هذا الشأن - يعني : كالجنيد وأمثاله - لا يخلو : إما أن يكون مما ثبت له أصل في الشريعة ، فهم خلفاؤه ، كما أن السلف من الصحابة والتابعين خلفاء بذلك ، وإن لم يكن له أصل في الشريعة ، فلا أعمل عليه ؛ لأن السنة حجة على جميع الأمة ، وليس عمل أحد من الأمة حجة على السنة ، ولأن السنة معصومة عن الخطأ ، وصاحبها معصوم ، وسائر الأمة لم تثبت لهم العصمة إلا مع إجماعهم خاصة ، وإذا أجمعوا تضمن إجماعهم دليلاً شرعياً ، والصوفية والمجتهدون كغيرهم ممن لم يثبت لهم العصمة ، ويجوز عليهم الخطأ والنسيان والمعصية ، كبيرها وصغيرها ، والبدعة محرمها ومكروهها ؛ ولذا قال العلماء : كل كلام منه مأخوذ ومنه متروك ، إلا ما كان من كلامه عليه الصلاة والسلام . قال : وفد قرر ذلك القشيري رحمه الله تعالى أحسن تقرير ، فقال : فإن قيل : فهل يكون الولي معصوماً قيل : أما وجوباً كما يكون للأنبياء فلا ! وأما أن يكون محفوظاً حتى لا يصر على الذنوب ، وإن حصلت منهيات أو زلات في أوقات ، فلا يمنع في وصفهم . قال : ولقد قيل للجنيد رحمه الله : ( ( العارف يزني ؟ ) ) فأطرق مليا ، ثم رفع رأسه وقال : ( ( وكان أمر الله قدراً مقدوراً ) ) . وقال : فهذا كلام منصف ، فكما يجوز على غيرهم المعاصي بالابتداع وغير ذلك ، يجوز عليهم البدع . فالواجب علينا أن نقف مع الاقتداء به إشكال ، بل يعرض ما جاء عن الأئمة على الكتاب والسنة ، فما قبلاه قبلناه . وما لم يقبلاه تركناه ، وما عملنا به ، إذا قام الدليل على اتباع الشارع ، ولم يقم لنا الدليل على اتبارع أقوال الفقهاء والصوفية وأعمالهم إلا بعد عرضها ، وبذلك رضي شيوخهم علينا ؛ وإن جاء به صاحب الوجد والذوق من العلوم والأحوال والفهوم ، يعرض على الكتاب والسنة ، فإن قبلاه صح ، وإلا لم يصح . قال ثم نقول ثانياً : إن نظرنا في رسومهم التي حددوها ، وأعمالهم التي امتازوا بها عن غيرهم بحسب تحسين الظن ، والتماس أحسن المخارج ، ولم نعرف له مخرجاً ، فالواجب التوقف عن الاقتداء ، وإن كانوا في جنس من يقتدي بهم ، لا ردا له ولا اعتراضاً عليه ، بل لأن لم نفهم وجه