@ 293 @ رجوعه إلى القواعد الشرعية كما فهمنا غيره . ثم قال بعد كلام : فوجب بحسب الجريان على آرائهم في سلوك أن لا يعمل بما رسموه ، بما فيه معارضة بأدلة الشرع ، ونكون في ذلك متبعين لآثارهم ، مهتدين بأنوارهم ، خلافاً لمن يعرض عن الأدلة ، ويجمد على تقليدهم فيه فيما لا يصح تقليدهم على مذهبهم . فالأدلة الشرعية ، والأنظار الفقهية ، والرسوم الصوفية تذمه وترده ؛ وتحمد من تحري واحتاط وتوقف عند الاشتباه ، واستبرأ لدينه وعرضه ، وهو من مكنون العلم ، وبالله التوفيق ) ) . انتهى . .
وقال شمس الدين ابن القيم في كتاب ( ( الروح ) ) : ( ( أعلم أنه لا يعترض على الأدلة من الكتاب والسنة بخلاف المخالف ، فإن هذا عكس طريقة أهل العلم ، فإن الأدلة هي التي تبطل ما خلالفها من الأقوال ، ويعترض بها على خالف موجبها ، فتقدم على كل قول اقتضى خلافها ، لا أن أقوال المجتهدين تعارض بها الأدلة وتبطل بمقتضاها ، وتعدم عليها ) ) . انتهى .
وقال رحمه الله أيضاً في الكتاب المذكور : ( ( الفرق بين الحكم المنزل الواجب الاتباع والحكم المؤول الذي غايتهِأن يكون جائز الاتباع ، أن الحكم المنزل هو الذي أنزله الله عز وجل على رسوله ، وحكم به بين عبادة ، وهو الحكم الذي لا حكم له سواه . وأما الحكم المؤول ، فهو أقوال المجتهدين المختلفة التي لا يجب اتباعها ولا يكفر ولا يفسق من خلالفها ، فإن أصحابها لم يقولوا : هذا حكم الله ورسوله ، بل قالوا : اجتهدنا رأنا ، فمن شاء قبله ، ومن شاء لم يقبله ، قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى : هذا رأي فمن جاءنا بخير منه قبلناه . ولو كان هو حكم الله لما ساغ لأبي يوسف ومحمد مخالفتهما فيه ، وكذلك مالك استشاره الرشيد أن يحمل الناس على ما في ( ( الموطأ ) ) فمنعه مالك وقال : قد تفرق أصحاب رسول الله في البلاد ، وصار عند كل قوم علم غير ما عند الآخرين ، وهكذا الشافعي ينهي أصحابه عن تقليده بترك قوله إذا جاء الحديث بخلافه ، وهذا الإمام أحمد ينكر على من كتب فتاوية ودونها ويقول : لا تقلدوني ولا تقلد فلاناً ، ولا فلاناً ، وخذ من حيث أخذوا ، ولو علموا رضي الله تعالى