@ 287 @ من الذي يقول : أمر الحديث عظيم ، وليس لمثلنا أن يفهمه ، فكيف يعمل به ؟ وجوابه بعد أن فرضنا موافقة فهمه لفهم ذلك العالم الذي يعتد بعلمه وفهمه بالإجماع ، أنه إن كان المقصود بهذا تعظيم الحديث وتوقيره ؛ فالحديث أعظم وأجل ، لكن من جملة تعظيمه وتوقيره أن يعمل به ، ويستعمل في مواده ، فإن ترك المبالاة به إهانة له ، نعوذ بالله منه . وقد حصل فهمه على الوجه الذي هو مناط التكليف ، حيث وافق فهم ذلك العالم ؛ فترك العمل بذلك الفهم لا يناسب التعظيم والإجلال ، فمقتضي التعظيم والإجلال الأخذ به ، لا بتركه ! وإن كان المقصود مجرد الرد عن نفسه بعد ظهور الحق ؛ فهذا لا يليق بشأن مسلم ، فإن الحق أحق بالاتباع ، إذ لا يعلم ذلك الرجل أن الله عز وجل قد أقام برسوله الحجة على من هو أغبي منه من المشركين الذين كانوا يعبدون الأحجار ، وقد قال تعالى فيهم : ( ( أولئك كالأنعام بل هم أضل ! ) ) فهل أقام عليهم الحجة من غير فهم ، أو فهموا كلام رسول الله ؟ فإن فهم هؤلاء الأغبياء ، فكيف لا يفهم المؤمن مع تأييد الله تعالى له بنور الإيمان ؟ وبعد هذا فالقول بأنه لا يفهم قريب من إنكار البديهيات . وكثير ممن يعتذر بهذا الاعتذار يحض دروس الحديث أو يدرس الحديث ! فلولا فهم أو أفهم ، كيف قرأ أو أقرأ ؟ فهل هذا إلا من باب مخالفة القول الفعل ؛ والاعتذار بأن ذلك الفهم ليس مناطاً للتكليف باطل ، إذ ليس الكتاب والسنة إلا لذلك الفهم . فلا يجوز البحث عنهما بالنظر إلى المعاني التي لا يعمل بها ، كيف وقد أنزل الله تعالى كتابه الشريف للعمل به ، وتعقل معانيه ، ثم أمر رسوله بالبيان للناس عموماً فقال تعالى : ( ^ إنا أنزلناه قرآنا عربياً ، لعلكم تعقلون ) وقال : ( ^ لتبين للناس ما نزل إليهم ) فكيف يقال : إن كلامه الذي هو بيان للناس غير مفهوم لهم إلا لواحد منهم ؟ بل في هذا الوقت ليس مفهوماً لأحد بناء على زعمهم أنه لا مجتهد في الدنيا منذ كم سنين ؟ ولعل أمثال هذه الكلمات صدرت من بعض من أراد أن لا تنكشف حقيقة رأيه للعوام بأنه مخالف للكتاب والسنة ، فتوصل إلى ذلك بأن جعل فهم الكتاب والسنة على الوجه الذي هو مناط الأحكام ، مقصوراً على أهل