@ 285 @ لما يرغب من عرض الدنيا وشهواتها ، فهو المذموم الآثم ( كذا في الجمادي ) وأما ( ما ) يورد على الألسنة من أن العمل على الفقه لا على الحديث ، فتفوه لا معنى له ، إذ من البين أن مبنى الفقه ليس إلا الكتاب والسنة ، وأما الإجماع والقياس ، فكل واحد منهما يرجع إلى كل من الكتاب والسنة ، فما معنى إثبات العمل على الفقه ، ونفي العمل عن الحديث ؟ فإن العمل بالفقه عين العمل بالحديث كما عرفت ؛ وغاية ما يمكن في توجيهه أن يقال : إن ذلك حكم مخصوص ، بشخص مخصوص ، وهو من ليس من أهل الخصوص ، بل من العوام الذين هم كالهوام ، لا يفهمون معنى الحديث ومراده ، ولا يميزون بين صحيحه وضعيفه ، ومقدمه ومؤخره ، ومجملة ومفسره ، وموضوعه ، وغير ذلك من أقسامه ، بل كل ما يورد عليهم بعنوان : قال رسول الله ، فهم يعتمدون عليه ، وستندون إليه ، من غير تمييز ومعرفة بأن قائل ذلك من نحو المحدثين أم من غيرهم ، وعلى تقدير كونه من المحدثين ، أعدل وثقة أم لا ؟ وإن كان جيد الحفظ أو سيئه أو غير ذلك من فنونه ، فإن ورد على العامي حديث ، ويقال له . إنه يعمل على الحديث ، فربما يكون ذلك الحديث موضوعاً ، ويعمل عليه لعدم التمييز ، وربما يكون ذلك الحديث ضعيفاً ، والحديث الصحيح على خلافه ، فيعمل على ذلك الحديث الضعيف ، ويترك الحديث الصحيح ، وعلى هذا القياس في كل أحواله يغلط أو يخلط فيقال لأمثاله : إنه يعمل بما جاء عن الفقيه ، لا يعمل بمجرد سماع الحديث ، لعدم ضبطه ، إنه يعمل بما جاء من فقيه وإن كانت الأحاديث الواردة فيه على خلاف ذلك ، لأن العمل على الفقه لا على الحديث . هذا ، ثم مع هذا ، لا يخفي ما في هذا اللفظ من سوء الأدب والشناعة والبشاعة ، فإن التفوه بنفي العمل على الحديث على الإطلاق ، مما لا يصدر من عاقل ، فضلاً عن فاضل ، ولو قيل بالتوجيه الذي ذكرناه أن العمل بالفقه لا على الحديث ، لقال . قائل بعين ذلك التوجيه : إن العمل على الفقه لا على الكتاب ، فإن العامي لا يفهم شيئاً من الكتاب ، ولا يميز بين محكمة ومتشابهة ، وناسخه ومنسوخه ، ومفسره ومجملة ، وعامه وخاصة ، وغير ذلك من أقسامه . فصح أن يقال : إن العمل على الفقه لا على الكتاب والحديث ، وفساده أظهر من أن يظهر ، وشناعته