@ 265 @ القيء أو الإسهال ، حتى تذهب شحناء الجراية من صدور كثير من أهل العلم ( أي من أهل جامع الأزهر ) وعلى هذا القياس يقرأ لكل شيء ، ما دامت العلاقة بين الشيء وشببه مفصومة فإن لم يستطيعوا عزو هذا الداء إلى نطاس الأطباء ، سألت الملم منهم بالتاريخ أن يرشدنا إلى من سن هذه السنة في الإسلام ، وهل قرئ البخاري لدفع الوباء قبل هذه المرة ، فإنا نعلم أنه قرئ للعرابيين في واقعة التل الكبير ( أي في مصر ) فلم يلبثوا أن فشلوا ، ومزقوا شر ممزق ، ونعلم أنه يقرأ في البيوت لتأمن الحريق والسرقة ، ولكن بأجر ليس شيئاً مذكوراً في جانب أجر شركة التأمين المعروفة ، مع أن الناس يتسابقون إليها تسابقهم إلى شراء الدواء إذا نزل الداء ، ويعدلون عن الوقاية التي نحن بصددها ، وهي تكاد تتكون بالمجان ويجدون في نفوسهم أطمئنانا لذلك ، دون هذه ، فإن لم يجد العلماء عن هذه المسألة إجابة شافية ، خشيت - كما يخشى العقلاء ، حملة الأقلام - عليهم حملة تسقط الثقة بهم ، حتى من نفس العامة ، وحينئذ تعف الفوضى الدينية المتوقعة - من ضعف الثقة ، واتهام العلماء بالتقصير ، وكون أعمالهم حجة على الدين . هذا وقد لهج الناس بآراء على أثر الاجتماع الهيضي الأزهري ؛ فمن قائل : إن العلماء المتأخرين من عادتهم أن يهربوا في مثل هذه النوازل من الأخذ بالأسباب والاصطبار على تحملها ، لمشقتها الشديدة ، ويلجأون إلى ما وراء الأسباب من خوارق العادات ، لسهولته ولإيهام العامة أنهم مرتبطون بعالم أرقي من هذا العالم المعروف النظام ، فيكسبون الراحة والاحترام معاً ، فيظهرون على الأمة ظهور إجلال ، ويمتكلون قلوبهم ، ويسيطرون على أروحهم ، ولهذا تمكثوا حتى فترت شرة الوباء ، فقرأوا تميمتهم ، ليوهموا أن الخطر إنما زال ببركة تميمتهم ، وطالع يمنهم ، ومن قائل : إنهم يخدعون أنفسهم بمثل هذه الأعمال بدليل أن من يصاب منهم لا يعالج مرضه بقراءة كراسة من ذلك الكتاب ، بل يعمد إلى المجربات من النعنع والخل وماء البصل وما شابه ، أو يلجأ إلى الطبيب ، لا تلتفت نفسه إلى الكراسة التي يعالج بها الأمة ! فهذا يدل على أن القوم يعملون على خلاف ما في وجدانهم لهذه الأمة ، خادعين أنفسهم بتسليم أعمل سلفهم . ومن قائل : إن عدوا من أعداء الدين الإسلامي أراد أن يشكك المسلمين فيه ، فدخل عليهم من جهة تعظيمه