@ 264 @ قرون ، وصقله العرف ، وفي ذلك من تمكين الاعتقاد بصحيح البخاري والركون إليه ، والحرص عليه ، ما لا يخفي . ولم يكن يخطر لي أن يناقش أحد في هذا العمل ، ويزيفة بمقالة رنانة ، تطبع وتنشر ! نعم ربما يوجد من ينكر ذلك بقلبه ؛ أو يشافه به خاصته ، والله أعلم بالضمائر ! ولغرابة تلك المقالة آثرت نقلها بحروفها ؛ ليحيط الواقف علما بما وصلت إليه حرية الأفكار . وتلك المقالة قدمها أحد الفضلاء الأزهربين في جمادي الآخر سنة ( 1320 ) لإحدي المجلات العلمية في مصر ، فنشرتها عنه ، وهاكها بحروفها تحت عنوان : .
بماذا دفع العلماء نازلة الوباء ؟ .
دفعوها يوم الأحد الماضي في الجامع الأزهر ، بقراءة متن البخاري موزعاً كراريس على العلماء وكبار المرشحين للتدريس ، في نحو ساعة ، جرياً على عادتهم من إعداد هذا المتن أو السلاح الجبري ، لكشف الخطوب ، وتفريج الكروب ، فهو يقوم عندهم في الحرب مقام المدفع والصرام والأسل ، وفي الحريق مقام المضخة والماء ، وفي الهيضة مقام الحيطة الصحيحة وعقاقير الأطباء ، وفي البيوت مقام الخفراء والشرطة ، وعلى كل حال ، هو مستنزل الرحمات ، ومستقر البركات ، ولما كان العلماء أهل الذكر ، والله يقول : ( ^ فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ) ، فقد جئت أسألهم بلسان كثير من المسترشدين من مأخذ هذا الدواء من كتاب الله ، أو صحيح سنة رسول الله ، أو رأى مستدل عليه لأحد المجتهدين الذين يقلدونهم إن كانوا قد أتوا هذا العمل على أنه ديني داخل في دائرة المأمور به ، وإلا فعن أي حذاق الأطباء تلقوه ، ليتبين للناس منه أو من مؤلفاته عمل تلاوه متن البخاري في درء الهيضة عن الأمة . وأن هذا داخل في نواميس الفطرة ، أو خارج عنها ، خارق لها . وإذا كان هذا السر العجيب جاء من جهة أن المقروء حديث نبوي ، فلم خص بهذه المزية مؤلف البخاري ، ولم لم يجز في هذا موطأ مالك وهو أعلى كعباً ، وأعرق نسباً ، وأغزر علماً ، ولا يزال مذهبه حياً مشهوراً ، وإذا جروا على أن الأمر من وراء الأسباب ، فلم لا يقرؤه العلماء لدفع ألم الجوع ، كما يقرأونه لإزالة المغص أو