@ 266 @ فأوحى إلى قوم من متعالمية السابقين أن يعظموا من شأنه ، ويرفعوا من قدرة ، حتى يجعلوه فوق ما جاءت له الأديان ، فيدعون كشف نوائب الأيام ، بتلاوة أحاديث خير الأيام ، ويروجون ما يقولون بأنه جرب ، وأن من شك فيه فقد طعن في مقام النبوة ، حتى إذا رسخت هذه العقيدة في الناس ، وصارت ملكة دينية راسخة عند العوام ، وجربوها فلم تفلح ، وقعوا - والعياذ بالله ! في الشك ، وأصابهم دوار الحيرة ؛ كما حصل ذلك على أثر واقعة التل الكبير من كثير من الذين لم يتذوقوا الدين من المسلمين ، حتى كانوا يسألون عن قوة ( ( البخاري ) ) الحربية ! ونسبته إلى البوارج ساخرين منه ومن قارئة ! ولولا وقوف أهل الفكر منهم على أن هذا العمل ليس من الدين ، وأن القرآن يقول : ( ^ وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ) لضلوا وأضلوا . وقد جرأ هذا الأمر غير المسلمين على الخوض في الدين الإسلامي ، وإقامة الحجة على المسلمين من عمل علمائهم ، ولا حول ولا قوة إلا بالله . ويقول قوم : إن التقليد بلغ بالعلماء مبلغاً حرم على العقول النظر في علم السلف ، وإن كذبته العينان ، وخالف الحسن والوجدان . ويقول آخرون : - ممن لا خبرة لهم بهمة العلماء في مثل هذه الكوارث - أما كان ينبغي لهم أن ينبثوا في المساجد والأبدية والولائم ، حاثين الناس على الوقاية من العدوى ، معاضدين الحكومة في تسكين سورة الأهلين ، مفاوضين الصحة في فتح المساجد وتعهدها بالنظافة ؟ فإن هذا يرتبط بهم أكثر مما يرتبط بوفد أعيان القاهرة ، جزاه الله خير الجزاء ، فإن أعوزهم البيان ، وخلت القلوب بذلاقة اللسان ، فلا أقل من أن يؤلفوا رسالة في فهم ما ورد متشابهاً في موضوع العدوى ، حتى يعلم الناس أن الوقاية من الداء مأمور بها شرعاً وعقلاً وسياسة ، فيكون كل فرد عارف عضداً للحكومة ، ولو طلبوا من الصحة طبع ما ألفوا وتوزيعه على المصالح والنواحي ، للبت ذلك شاكره ، وكان لهم الأثر النافع . .
( ( وهذا ما يقوله القوم في شأن علمائهم ، نرفعه إليهم ليكونوا على بينه منه ، لأنهم لا يختلطون بالناس غالباً إلا في الولاثم والمآثم ، وإن اختلطوا فقلما يناقشونهم في شيء تحرزاً