@ 217 @ .
21 - بيان أن تحمل الأخبار على الكيفيات المعروفة من ملح العلم لا من صلبه وكذا استخراج الحديث من طرق كثيرة .
قد بين ذلك الإمام أبو إسحاق الشاطيء رحمه الله تعالى في موافقاته بقوله في أقسام ما كان من ملح العلم : .
( ( الثاني : - تحمل الأخبار والآثار ، على التزام كيفيات لا يلزم مثلها ، ولا يطلب التزامها ، كالأحاديث المسلسلة التي أتى بها على وجوه ملتزمة في الزمان المتقدم على غير قصد ، فالزمها المتأخرون بالقصد ، فصار تحملها على ذلك القصد تحريا له ، بحيث يتعنى في استخراجها ، ويبحث عنها بخصوصها ؛ مع أن ذلك القصد لا ينبني عليه عمل ، وإن صحبها العمل ، لأن تحلفه في أثناء تلك الأسانيد ، لا يقدح في العمل بمقتضى تلك الأحاديث ، كما في حديث : ( ( الراحمون يرحمهم الرحمن . . . ) ) فإنهم التزموا فيه أن يكون أول حديث يسمعه التلميذ من شيخه ، فإن سمعه منه بعد ما أخذ عنه ، لم يمنع ذلك الاستفادة بمقتضاه ، وكذا سائرها . غير أنهم التزموا ذلك على جهة التبرك وتحسين الظن خاصة ، وليس بمطرد في جميع الأحاديث النبوية ، أو أكثرها ، حتى يقال إنه مقصود ، فطلب مثل ذلك من ملح العلم لا من صلبه . .
( ( والثالث : - التأنق في استخراج الحديث من طرق كثيرة ، لا على قصد طلب تواتره ، بل على أن يعد آخذ له عن شيوخ كثيرة ، من جهات شتى ، وإن كان راجعاً إلى الآحاد في الصحابة والتابعين أو غيرهم . فالاشتغال بهذا من الملح لا من صلب العلم . خرج أبو عمر بن عبد البر ، عن حمزة بن محمد الكناني قال : خرجت حديثا واحداً عن النبي من مئتى طريق أو من نحو مئتى طريق ، شك الراوي ، فداخلني من ذلك من الفرح غير قليل ، وأعجبت بذلك ؛ فرأيت يحي بن معين في المنام ، فقلت له : يا أبا زكرياء ! قد خرجت حديثاً