@ 216 @ رجلاً من كبار العلماء ، وحادثه ساعة من الزمان ، فكيف إذا استطاع أن يقيم معه ، وبحادثه مدة حياته ؟ وهكذا من نظر في كتب الحديث ، فهو محادث للنبي ، ومطلع على هديه وأخباره ، كما لو ساكنه وعاشره وشافهه ، وما أقربه وأيسره لمن روى تلك الكتب ودراها ، ولذلك قال الترمذي عن سننه : ( ( من كان في بيته ، فكأنما في بيته نبي بتكلم ! ) ) وهكذا يقال في بقية الجوامع الحديثية ، فأعلم ذلك . .
وما أرق ما قاله الوزير لسان الدين بن الخطيب في مقدمة كتابه ( ( الإحاطة في أخبار غرناطة ) ) : ولولا ذلك لو يشعرآت في الخلق بذاهب ، ولا أتصل بغائب ، فماتت الفضائل بموت أهليها ، وأقلت نجومها عن أعين مجتليها ، فلم يرجع إلى خبر ينقل ، ولا دليل يعقل ، ولا سياسة تكتسب ، ولا أصالة إليها ينتسب ، فهدى سبحانه وألهم ، وعلم الإنسان بالقلم ما لم يكن يعلم ، حتى ألفينا المراسم قائدة ، والمراشد هادية ، والأخبار منقولة ، والأسانيد موصولة ، والأصول محررة ، والتواريخ مقررة ، والسير مذكورة ، والآثار مأثورة ، والفضائل من بعد أهلها باقية ، والمآثر قاطعة شاهدة ، كأن نهار القرطاس وليل المداد ، ينافسان الليل والنهار في عالم الكون والفساد ، فمهما طويا شيئا ولعا بنشره ، أو دفنا ذكراً دعوا إلى نشره . * * * .
20 - ثمرة رواية الكتب بالأسانيد في الأعصار المتأخرة .
قال الشيخ ابن الصلاح : ( ( أعلم أن الرواية بالأسانيد المتصلة ، ليس المقصود منها في عصرنا وكثير من الأعصار قبله إثبات ما يروى ، إذ لا يخلو إسناد منها عن شيخ لا يدري ما يرويه ، ولا يضبط ما في كتابه ضبطا يصلح لأن يعتمد عليه في ثبوته ؛ وإنما المقصود بها بقاء سلسلة الإسناد التي خصت