@ 215 @ وإن لم يعلم أنه سمعه ، فليت شعري ! أي إجماع بعد ذلك ؟ قال : واستدلاله على المنع بالحديث المذكور أعجب إذ ليس في الحديث اشتراط ذلك وإنما فيه تحريم القول بنسبه الحديث إليه حتى يتحقق أنه قاله ، وهذا لا يتوقف على روايته بل يكفي في ذلك وجوده في كتب من خرج الصحيح أو كونه نص على صحته إمام وعلى ذلك عمل الناس ) ) انتهى . .
( ( فتحرر من مجموعة ذلك أن الصحيح جواز نقل الحديث من الكتب المعتمدة ، وإضافته إلى الرسول ، وإن لم يكن للناقل به رواية ، لكن بشرط أن يكون المنقول عنه كتاباً معتمداً به في الحديث مقابلاً ، ولو بأصل واحد ، فلا يجوز إضافة حديث إلى رسول الله بمجرد وجوده في كتاب لم يعلم مؤلفه أو علم ولم يكن من أهل الحديث كما يؤخذ من كلام العز بن جماعة ) ) . انتهى من القول السديد في اتصال الأسانيد للشهاب المنيني . * * * .
19 - فوائد الأسانيد المجموعة في الأثبات .
اعلم أن في تطلب أسانيد الكتب غاية للحكماء سامية ، ألا وهي التشوف إلى الرجوع إليها ومطالعتها . فإن العاقل إذا رأى حرص الأقدمين على روايتها بالسند إلى مصنفيها ، علم أن لها مقاما مكينا في سماء العرفان ، فيأخذ في قراءتها واقتباس الفوائد والمعارف منها ، فيزداد تنوراً وترقيا في سلم العلوم ، فإن العلم قوام العالم ، وعماد العمران ، وهو الكنز الثمين ، والذخر الذي لا يفني . .
ومن فوائد أسانيد الكتب : حفظها من النسيان والضياع ؛ ومن فوائدها : نشر العلوم والمعارف وترويجها وإذاعتها بين الخاصة والعامة ، لتقف عليها الطلاب ؛ ومنها : الترغيب والتشويق لمطالعة الكتب ، فإن الرغبة في المطالعة من أكبر النعم التي خص بها نوع الإنسان . ومن فوائدها : الدلالة على اعتبار الأولين لكتب العلم ، والتنويه بشأنها وتعظيم قدرها ، وإعلائها ، فإن كتبهم تحمل علومهم ومعارفهم ، وتذيعها في الخافقين ، وتربها من طلابها ذانية القطوف ، قريبة الجنا . والمرء يفخر وينافس أقرانه إذا لقي