@ 215 @ دعاه أما أنا فلا أشرب من هذا الإناء فازداد وهمه فقال رجل واقف للخدمة إلى متى تتوقفون في شربه وتناوله ليشربه فلما وضعه بين شفتيه تناثر لحم فمه في الحال ووقع مقدم أسنانه وسقط شعر لحيته فألقى الكاس من يده وعلم الحاضرون بالقصة فقام سنان باشا وهو يقرأ قوله تعالى ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله ونادى بفرسه فركبها وذهب ثم عينه السلطان إلى اليمن وكان السبب في ذلك أن إقليم اليمن من صنعاء إلى عدن كان داخلاً في حوزة سلاطيننا العثمانيين في أيام السلطان سليمان وكان له نائب واحد واستمر زماناً إلى أن فوضت حكومته لاثنين وعين لكل منهما ما حدّ من البلاد فكان ذلك باعث الاختلاف والجدال وكان مطهر بن شرف الدين يحيى الزيدي لعب الشيطان بعقله وسولت له نفسه العصيان فصادف انقسام المملكة وصول خبر وفاة السلطان سليمان فقطع الطريق وحاصر تعز وصنعا وسلب كثيراً من أمراء فلما وصل الخبر إلى السلطنة عينوا مصطفى باشا كما تقدم ثم عزلوه وعينوا مكانه سنان باشا سردار على العساكر فتوجه وأصلح ما كان اختل واستنقذ ما كان مطهر أخذه بعد وقائع وأمور يطول شرحها وهي مذكورة في تاريخ القطب المكي وفي ذلك يقول بعضهم من أبيات | % ( وما يمن إلا ممالك تبع % وناهيك من ملك قديم ومن فخر ) % | % ( تملكها من آل عثمان إذ مضت % بنو طاهر أهل الشآمة والذكر ) % | % ( فهل يطمع الزيدي في ملك تبعٍ % ويأخذه من آل عثمان بالمكر ) % | % ( أبى الله والإسلام والسيف والقنا % وسر أمير المؤمنين أبي بكر ) % | ثم إنه بعد تمهيد هذا الأمر عاد فدخل مكة المشرفة وحج حجة الإسلام وصادف الحج فلم يفته وأنشأ بمكة آثاراً حسنة منها تعمير حاشية المطاف دائرة حوله مفروشة بالحصى يدور بها دور حجارة منحوتة مبنية حول الحاشية كالإفريز لها فأمر أن تفرش هذه الحاشية بالحجر الصوان المنحوت ففرشت به في أيام الموسم وصار محلاً لطيفاً دائراً بالمطاف من بعد أساطينه وصار ما بعد ذلك مفروشاً بالحصى الصغار كسائر المسجد الحرام وهذا الأثر خاص به ومنها تعميره سبيل التنعيم أنشأه وأمر بإجراء الماء إليه من بئر بعيدة يجري الماء منها إلى السبيل في ساقية مبنية فيما بينهما بالحصى والنورة وعين لها خادماً يستقي من البئر ويصب في الساقية فيصل الماء إلى السبيل ليشرب منه ويتوضأ المعتمرون وعين لمصارف ذلك من ريع أوقاف له بمصر