@ 179 @ فيه ستة أنفس وتعطل المسجد عن الأذان والجماعة في خمسة أوقات من الظهر فتقيد الشريف زيد في تنظيف المسجد وحضر بنفسه ونادى على العامة وكذلك صاحب جدة الأمير سليمان وهو يومئذ شيخ الحرم المكي وعمل العلماء والمدرسون والخطباء والأشراف بأيديهم وبذل الشريف والأمير مالاً جزيلاً وأعملوا همتهم فتم تنظيفه في سبعة أيام وكان مسعوداً في سائر حركاته ولم يقصده أركان الدولة بسوء إلا خيبهم الله تعالى واتفق في زمانه أن صاحب جدة الأمير مصطفى عظمت شوكته ونفذت كلمته وظهرت منه أطوار لا تليق بشأن الشريف زيد ولم يزل كذلك والشريف صابر عليه حتى كان أوائل سنة سبع وخمسين طلع الأمير المذكور إلى الطائف للزيارة وطلع معه بشير الحبشي غلام السلطان مراد وهذا في مجيئه الثاني متولياً مشيخة الحرم النبوي فأقام ما شاء الله أن يقيم فلما أن كان نازلاً إلى مكة طالعاً في المحل الذي يقال له النقب الأحمر وجه جبر كرا مما يلي الطائف وقد تفرقت عساكره خلفاً وأماماً ولم يبق معه سوى السايس وحامل كوز الماء اعترضه رجل عربي كان يتعهده بالإحسان يقال له الجعفري فضربه وهو متجرد للإحرام بجنبية أنفذها إلى أحشائه وذهب فلم يدر محله قيل أن السايس أراد ضرب القاتل فوقع السيف في مؤخر الحصان فقمص فسقط عنه الأمير فتلاحقت العساكر فلم يلبث إلا نحو ساعتين وتوفي وكان قتله يوم التاسع والعشرين من جمادى الآخرة من السنة المذكورة وأدخل إلى مكة في التخت قتيلاً غرة رجب منها ودفن بالمعلاة أمام قبة السيدة خديجة وكان الشريف زيد في تلك السنة قد توجه إلى جهة الشرق فأبعد حتى وصل قريباً من الخرج وكان القائم مقامه لحفظ مكة السيد إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن حسن بن أبي نمى فاستدنى السيد إبراهيم غالب عسكر الأمير وأنزلهم في محل يسعهم بأجياد وأجرى عليهم العلوفات وأمر كتخدا العسكر دلاور بالنزول لجدة لحفظ البندر فامتنع ثم بعد ليال نزل دلاور بعد هزيع من الليل قاصداً جدة خلسة فشعر به السيد إبراهيم وأرصد له جماعة فمسكوه وأتوا به إليه فحبسه ثم اختلس بعض العسكر نفسه وذهب إلى بشير بالطائف وأخبره بما وقع فأتى بشير إلى مكة ونزل بمدرسة بهرام بالمسعى فتردد السيد إبراهيم في الذهاب إليه وعدمه لاختلاف المشير ثم جزم فتلقاه بما هو الواجب ثم قال له بعد استقرار المجلس لم حبس دلاور فقال حبسته خشية إضراره فإنا ألزمناه مراراً