@ 398 @ الملحة التى بالقرب منها وهذه المملحة كما نقله الثقات من أعظم مجالب النفع لبيت المال حتى انهم يبالغون فيما يدخل منها حد المبالغة وسبب ذلك أن بلاد النصارى المعروفين بالمستو والقزق محتاجون اليها وليس فى بلادهم مملحة غيرها ولما فتحت هذه القلعة سر الناس سرورا عظيما لان فتحها كان فى غاية الصعوبة وكان كثير من نصارى الروم ممن رأيتهم يزعمون استحالة فتحها ويهزؤن بالوزير صاحب الترجمة فى قصدها وشاع عنهم أخبار فى انكسار عسكر المسلمين وهزيمتهم وكانوا يظهرون الشماتة وسبب ذلك ما يعرفونه من أنها تابعة لملك المسقو وهذا الملك هو أكثر ملوك النصارى جيوشا وأكبرهم ملكا قيل ان مملكته مسافة سنة طولا ومثلها عرضا وفى طريق هذه القلعة من جانب قسطنطينية صحراء وارات وهى أرض مجدبة قليلة الخير ليس بها بلاد ومسافتها بعيدة وبالجملة فان فتح هذه القلعة كان من أعظم الفتوحات وزينت دار الخلافة ثلاثة أيام وكان السلطان محمد اذ ذاك ببلدة سلستره بروم ايلى فكتب الى قائم مقام الوزير بقسطنطينية عبدى باشا النيشانى أنه يريد القدوم الى دار المملكة وانه لم يتفق له رؤية زينة بها مدة عمره وأمره بالنداء لتهيئة زينة أخرى اذا قدم فوقع النداء قبل قدوم السلطان بأربعين يوما وتهيا الناس للزينة ثم قدم السلطان فشرعوا فى التزيين وبذلوا جهدهم فى التأنق فيها واتفق أهل العصر على أنه لم يقع مثل هذه الزينة فى درو من الادوار وكنت الفقير اذ ذاك بقسطنطينية وشاهدتها وانا متحقق من غير شك يخامرنى أنها لم تصدر فى زمان ولم يبق شئ من دواعى الطرب الا صرفت اليه الهمم ووجهت اليه البواعث واستغرقت الناس فى اللذة والسرور واستوعب جميع آلات النشاط والحبور وفشت المناهى وقصر فيها المحذر والناهى وعلمت العقلاء أن مثل هذا الامر كان غلطا وان ارتكابه جرم عظيما وخطا وما أحسب ذلك الا نهاية نهنهة السلطنة وخاتمة كتاب السعادة والميمنة تم طرأ الانحطاط وشوهد النقصان وتبدل الربح بعدها بالخسران فوقع بعيد ذلك فى القسطنطينية حريق عظيم بناحية الفنار حرق فيه نحو اثنى عشر ألف بيت ثم تراسل الحريق فى كثير المحلات حتى حسب ما وقع منه فكان تسعين حريقا كل ذلك فى سنة واحدة ثم طلب الوزير صاحب الترجمة الاذن من السلطان بالسفر على بلاد الانكروس وكان عقد الصلح الذى أوقعه معهم الوزير الفاضل بعد فتح ايوارعلى خمس عشرة سنة قد مضى عليه