@ 399 @ ثلاث سنين فأذن له السلطان وشرع فى تهيئة الاسباب من الذخائر ومكاتبة نواب البلاد والعساكر وجمع من الجيوش والجنود ما لا يدخل تحت حصر حاصر ولم يتفق جميع مثله فيما مضى من الزمان الغابر ثم طلع صاحب الترجمة من قسطنطينية بأبهته العظيمة مصمما على أخذ بلاد النصارى بالقوة الجسيمة ولم يدر ما خبئ له فى الغيب حتى وقع ما وقع فزال الشك والريب ولنسق أمر هذا السفر فصلا فصلا ونبينه بمعونة الله تعالى فرعا وأصلا وما أقول الذى أقوله الا عن نقل وعزو مع التحرى فى ذلك باثبات ومحو فأقول ناقلا عن كتاب ورد من بعض الاجناد ملخصا منه محل المراد قال ولم يزل الوزير بمن معه من العساكر سائرين الى أن وصلوا الى قلعة يانق فى يوم الخميس ثانى عشر رجب سنة أربع وتسعين وألف وعبر نهر ريا فى يوم الجمعة ثم فى يوم السبت توجه قاصدا قلعة بج قلت وهذه القلعة هى التى كانت مقصوده له بالذات وأطلق أمره فى نهب القلاع والقرى التى على الطريق فما كان للعسكر مشغلة الا نهبها واحراقها واتلاف زروعها فأحرقوا من القلاع المعلومة نحو مائة قلعة وما يتبعها من القرى أشياء كثيرة جدا وكل قرية من هذه القرى بمثابة بلدة تحتوى على ألف بيت أو أكثر وجميع هذه القلاع والقرى فى نهاية الاحكام وحسن البناء وبيوتها فى غاية من اتقان الصنعة مسواة بالرخام وفيها من السماقى مالا يوصف كثرة وأكثر بيوت هذه البلاد ثلاث طبقات الثالثة منها مصنوعة بالدف والخشب وعاثت عساكر التاتار فى بلاد الكفار الى قريب فزل ألما التى هى محل ملك الانكروس المعروف بالبابا ونهبوا ما قدروا عليه من البلاد وحرقوها ورأيت بخط بعض الروميين أن رجلا من كبار عقلاء النصارى دخل عسكر المسلمين ثم جاء الى الشيخ محمد الوانى واعظ السلطان مسلما قال وكان له وقوف على أحوال ملكهم وأنهم ذكروا عنده أمر هذه النصرة ولعل لها أسبابا من جانب النصارى أوجب الانتقام منهم فقال ان الملك البابا دخل يوما على زوجته بنت ملك الاسبانية وهو مغموم فقال له زوجته ما أغمك فقال أرى أمر هؤلاء العثمانية قد بلغ النهاية فى الغلبة علينا ومن أعظم ما يغمنى من أمرهم طاعة نوابهم وامرائهم لهم فاذا طلبوهم بأدنى خطاب من أقصى البلاد لا يمكن ان يتخلفوا ويبادرون الى الحضور اليهم وامتثال أمرهم وأما أنا اذا أرسلت الى امراء المجار مراسيل أطلبهم لامر فلا يطيعون أوامرى ولا يحضرون الى فقالت له