@ 251 @ الادراك شديد الرغبة في المباحثة في العلم والمذاكرة به مع الفضلاء والأئمة ، مقتدرا على الاحتجاج لما يروم الانتصار له بل لا ينهض أحد يزحزحه غالبا عنه ، ذا عناية تامة بالتفسير لا سيما معاني التنزيل وبالمواعيد يحفظ من متون الأحاديث ما يفوق الوصف غير ملتزم الصحيح من ذلك وعنده من الفصاحة وطلاقة اللسان في التقرير ما يعجز عن وصفه لكن مع الاسهاب في العبارة وصار منقطع القرين مفخر العصرين ذا وقع وجلالة في النفوس وارتفاع عند الخاصة والعامة على الرؤس من السلاطين والأمراء والعلماء والوزراء فمن دونهم بحيث عرض على كل من ابن الهمام والأمين الاقصرائي الاستقرار في القضاء عوضه فامتنع مصرحا بأنه لا يحسن التقدم مع وجوده وقدم أولهما مرة من الحج فابتدأ بالسلام عليه في المؤيدية قبل وصول إلى بيته وعقد مجلس بالصالحية بسبب وقف العجمي سبط الدميري فسئل الأمين إذ ذاك عن الحكم فأجاب بقوله : أنا أفتيت ولا شعور عندي بكون الاستفتاء متعلقا بحكم مولانا ، وأشار إليه فإن الذي عندي أن مشايخنا المتأخرين لو كانوا في جهة وهو في جهة كان أرجح وأوثق ، وأما شيخنا فكان أمرا عجبا في تعظيمه والاعتراف بمحاسنه ، وترجمته له في رفع الاصر مع كونها مختصرة شاهدة لعنوان ذلك ، وكذا كان صاحب الترجمة يكثر التأسف على فقد شيخنا بعد موته ولا يزال يترحم عليه ويذكر ما معناه : انه صار بعده غريبا فريدا ، ويحكي من مذاكرته معه جملة ويقبح من كان يمشي بينهما بالافحاش المقتضي للاستيحاش فرحمهما الله تعالى فلقد كان للزمان بوجودهما البهجة ، وبهما في كل حادثة المحجة ، ولذلك سمع هاتف يقول بعد أحمد وسعد ما يفرح أحد ، وقد اشتهر ذكره وبعد صيته ونشره حتى إن شاه رخ بن تيمور ملك الشرق سأل من رسول الظاهر جقمق عنه في جماعة فلما أخبره ببقائهم أظهر السرور وحمد الله على ذلك ، وكثرت تلامذته وتبجح الفضلاء من كل مذهب وقطر بالانتماء إليه والأخذ عنه حتى أخذ الناس عنه طبقة بعد أخرى وألحق الأبناء بالآباء بل الأحفاد بالأجداد وقصد بالفتاوي من سائر ) .
الآفاق ، وحدث بالكثير قرأت عليه أشياء وكتبت من فوائده ونظمه جملة أوردت الكثير من ذلك في معجمي وفي الذيل على رفع الأصر ، وقرض لي بعض تصانيفي في سنة خمسين ووصفني بخطه بالشيخ الإمام الفاضل المحدث الحافظ المتقن وكنت أشهد منه مزيد الميل والمحبة ، ومما حكاه أنه كان عنده في القدس وهو شاب يهودي طبيب منجم وكان حاذقا فامتحنوه فيما حكى له بأن أخذوا بول حمار فجعلوه