@ 252 @ في قنينة وقالوا له انظر بول هذا العليل فنظر فيه طويلا ثم قال اذهبوا به إلى البيطار وأنه قال لهم أنا أموت في هذه السنة فكان كذلك ، وكان مع ما تقدم قد رزقه الله السمت الحسن وصحة الحواس وكبر السن الذي لا يتأخر بسببه عن عظيم رغبته في الإلمام بأهله لكن أعانه على ذلك ما سمعته منه غير مرة من أن الناس كلما تقدموا في السن غالبا يتغير مزاجهم من الحرارة إلى البرودة وانه هو بالضد من ذلك ولهذا كان لم يزل محمر الوجنتين كل هذا مع كثرة البشر ولين الجانب والمحاضرة الفكهة وفرط التواضع والقرب من كل أحد مع الوقار والمهابة والشهامة على بني الدنيا والتقلل من الاجتماع بهم والدين المتين وسلامة الصدر جدا ومزيد التعصب لمذهبه والميل الزائد لأصحابه وانقياده معهم واتباع هواهم تحسينا للظن بهم وما أتي إلا من قبل ذلك ، مذكورا بإجابة الدعوة عظيم الرغبة في القيام بأمر الدين وقمع من يتوهم افساده لعقائد المسلمين ، اتفق أنه أحضر إليه شيخ من أهل العلم حصني فادعى عليه بين يديه أن عنده بعض تصانيف ابن عربي وانه ينتحلها واعترف بكونها عنده وأنكر ما عدا ذلك فأمر بتعزيره فعزر بحضرته بضرب عصيات ثم أمر به الظاهر جقمق فنفي رحمهما الله كيف لو أدرك هذا الزمن الذي حل به الكثير من الرزايا والمحن ولم يشغل رحمه الله نفسه بالتصنيف مع كثرة اطلاعه وحفظه ولذلك كانت مؤلفاته قليلة فمما عرفته منها شرح العقائد المنسوبة للنسفي وقد قرأه عليه الزيني قاسم الحنفي والكواكب النيرات في وصول ثواب الطاعات إلى الأموال اقتفي فيه أثر السروجي مع زيادات كثيرة والسهام المارقة في كبد الزنادقة في كراريس وفتوى في الحبس بالتهمة في جزء وأخرى في هل تنام الملائكة أم لا وهل منع الشعر مخصوص بنبينا صلى الله عليه وسلم أم عام في جميع الأنبياء عليهم السلام وشرع في تكملة شرح الهداية للسروجي وذلك من أول الأيمان بفتح الهمزة فكتب منه إلى أثناء باب المرتد من كتاب السيرست مجلدات أطال فيها تبعا لأصله النفس ، وله منظومة طويلة سماها النعمانية فيها فوائد نثرية ) .
بديعة كان يكثر انشادها ولا يزال يلحق فيها حتى صارت كراريس ، وكذا له قصيدة مخمسة في مدح النبي صلى الله عليه وسلم سمعتها من لفظه . وكان السبب في نظمه إياها أن والده اقترح عليه بيتين دوبيت فعمل كل منهما ذلك ارتجالا ثم قال له اعمل ذلك من الأبحر فعملا كذلك ثم قال له اعمل قصيدة كاملة على مهلك قال فنظمت قصيدة نحو سبعين بيتا لكن لم أقيدها بالكتابة فلما كان في حدود سنة أربعين قيدت منها ما حفظته وخمسته وزدت عليه أبياتا وأولها :