@ 250 @ لم يزل يوصيني أن لا أنزل إلا في طرف الناس فإنه أطيب راحة وأقرب لقضاء الحاجة والمحفوظ من حفظ الله قال فحينئذ علمت أن ما اتفق لنا في الانفراد كان من مدده ، وكذا اجتمع بالشمس القونوي صاحب درر البحار وأجاز له وبحافظ الدين البزازي صاحب جامع الفتاوي وروى الهداية وغيرها عن الشيخ كريم الدين عبد الكريم القرماني الرومي وكذا ناظر بالقاهرة السراج بن الملقن في مسألة البسملة في الوضوء في مذهب مالك وأحمد في آخرين من العلماء بالقاهرة ودمشق وغيرهما وأكثر من الرواية بالاجازة عن البرهان إبراهيم بن الزين عبد الرحيم بن جماعة القاضي بأجازته من ابن عمه العز أبي محمد عبد العزيز بن جماعة القاضي وهو يروي عن أبيه القاضي بدر الدين عن القاضي فهذا مسلسل بالقضاة ، ولو اعتنى لأدرك الاسناد العالي لكنه شمر عن ساعد الاجتهاد وكحل عيني البصر والبصيرة بميل السهاد حتى صار من أوعية العلم مع ما رزقه الله من التواضع والحلم واشتهر بمعرفة الفقه حفظا وتنزيلا للوقائع وخبرة بالمدارك واستحضارا للخلاف حتى كان والده يقدمه على نفسه في الفقه وغيره . وولي عدة وظائف ببلاده كالمعظمية والشركسية والمنجكية وانتفع الناس بدروسه وفتاويه ، وجد في العلوم حتى رجح على والده في حياته وحج مرارا أولها في سنة إحدى وثمانمائة ، ومرة في سنة إحدى وعشرين على أبيه وهو قاضي الحنفية بها ثم وردها بعد موته في ثاني عيد الأضحى سنة سبع وعشرين ، وولي بها مشيخة المؤيدية تصوفا وتدريسا بل كان قد باشرهما في حياته لما ولي القضاء ، وانتفع الناس به في الفتاوي والمواعيد والأشغال ودرس بعده بعدة أماكن كالفخرية ابن أبي الفرج بتقرير واقفها وكجامع المارداني في الدرس الذي رتبه فيه صرغتمش قبل بناء مدرسته برغبة البدر حسن القدسي له عنه قبيل موته فباشره درسا واحدا ثم انتزعه منه الأشرف برسباي لامامة المحب الاقصرائي ، وتألم هو وأحبابه لذلك واعتذر المحب بعدم القدرة على ترك ) .
القبول ، ولم يلبث أن سئل في قضاء الحنفية وألح عليه حتى قبله واستقر فيه في المحرم سنة اثنتين وأربعين عوضا عن شيخنا البدر العيني فباشره بمهابة وصرامة وعفة وأحبه الناس سيما إذ شرط على نفسه إبطال الاستبدالات ولكنه لم يتم بل صار بطائن السوء يحتالون عليه بكل طريق لظهور مسوغ عنده ، وبالجملة فكان إماما عالما علامة جبلا في استحضار مذهبه قوي الحافظة حتى بعد كبر السن ، سريع