@ 204 @ عقله وتدينه من الشباب والقدماء ، والاعتقاد فيمن يثبت عنده صلاحه من الصلحاء والعلماء . بحيث جر هذا إلى التلبيس عليه من بعض الشياطين في شخص من المعتقدين حتى أنزله ليلا ماشيا مصطحبا معه مبلغا وافيا للمكان الذي زعم فيه المعتقد له فبالغ في الخضوع لذلك وبالمبلغ وصله ثم بان له كذبه وهان حين علم أنه ليس بالمعتقد فاضمحل بسببه وعدم المسارعة لمن يوليه ممن هو تحت نظره وميله كان إلى الاستفتاء فيما يجب فعله للخوف من عاقبة ضرره وحياء يتمحل فيه معه لمضضه وربما يفتقر من أجله إلى الاحتياج لمن يتوصل به لغرضه وترك التفات كلي للزوجات والسراري استبقاء لقوته في الغزوات والبراري . بل كان لا يشرب الماء القراح إلا في النادر لهذا المقصد الطاهر حتى صار هو الأسد الضرغام والأسد الهمام والفارس البطل والسايس الحبل والرامي الذي لا يجارى والسامي الذي لا يشكك ولا يمارى . وكان أول تصرفاته الحسنة إكرامه للمنفصل المستيقظ من تلك السنة بحيث أرسله بدون مسفر ولا ترسيم بل وصله بالإكرام والتكريم عزيزا محترما راكبا فرسا بهيا معظما على هيئة جميلة روية مجانبة للخيلاء والمخيلة إلى أن ركب البحر لدمياط محل الغنائم والرباط فقام بها قليلا ثم هام للتخلص مما رأى كونه فيه ذليلا رجاء لتمكنه من رجوعه لتعيينه للأمر بزعمه في يقظته وهجوعه فما كان بأسرع من خذلانه وعود الأشرف عليه كبدئه بأمانه فإنه لما أمسك من قرب ) .
غزة وزالت تلك الشهامة والعزة أمر بإرساله لإسكندرية ليكون في بيت العزيز منها على الهيئة المرضية بدون ترسيم ولا عتب وتأثيم بل يحضر الجمعة والعيدين ونحو ذلك من هذه المسالك ثم لم يلبث أن جاءت مطالعته وفيها يعتذر يترقق ولا يفتخر بل يكرر فيها وصفه بالمملوك كما سبقه لمكاتبته بها المؤيد أحمد وبلباي وغيرهما من الملوك وكم له في إمرته فضلا عن سلطنته من قومات مهمات وتكرمات عليات كحركته في الرجوع بالمشار إليه وبخجداشه أزبك المعول عليه بعد إرسال الظاهر خشقدم بهما لإسكندرية حتى فرج الله عنهما به هذه البلية إن المهمات فيها تعرف الرجال وتزول بهم الأهوال والأوجال وكعتبه على صاحبه خطيب مكة أبا الفضل حيث كتب له وثيقة بخمسمائة دينار ينكشف بها عن العضل ثم جهز له المبلغ مع الوثيقة ليفوز بالصلة وحسن الوثيقة ، ولمحاسنه كان ينتمي إليه إذ ذاك السيد النور الكردي ويعقوب شاه والشمسي ابن الزمن والبدري أبو الفتح المنوفي ومن شاء الله من الصلحاء والنساك ثم في أثناء ما سلف قام في التدبير للأمر الذي أكره عليه وله اعترف فاشتغل بجمع