@ 306 @ موسى عليه السلام من الشجرة حقيقة وهو مع ذلك كله فوق عرشه أمر لا يتصوره العقل ولم يدل عليه النقل فيجب القول به والانقياد له بل هو شيء لا يخطر ببال من سمع الأحاديث في ذلك وكان سليم الفطرة إلا أن يوقفه عليه من يعتقده فيقرره في ذهنه وقد علم أن نزول الرب تبارك وتعالى أمر معلوم معقول كاستوائه وباقي صفاته وإن كانت الكيفية مجهولة غير معقولة وهو ثابت حق حقيقة لا يحتاج إلى تحريف ولكن يصان عن الظنون الكاذبة وما لزم الحق فهو عين الحق قال هؤلاء ونحن أقرب إلى الحق وأولى بالصواب ممن خالفنا لأنا قلنا بالنصوص كلها ولم نرد منها شيئا ولم نتأوله بل أثبتنا نزول الرب تبارك وتعالى حقيقة مع إقرارنا بأنه العلي العظيم الكبير المتعال فلا شيء أعلى منه ولا أعظم منه ولا إله غيره ولا رب سواه هو الأول الذي ليس قبله شيء والآخر الذي ليس بعده شيء والظاهر الذي ليس فوقه شيء والباطن الذي ليس دونه شيء وكونه عليا عظيما لا ينافي نزوله حقيقة عند من عقل معنى النصين وفهم معنى الخبرين قالوا فنحن قلنا بموجب النصين فأثبتنا العلو والنزول وأما مخالفنا القائل بأنه ينزل ولا يخلو منه العرش فحقيقة قوله إما نفي معنى النزول بالكلية واثبات مجرد لفظه وإما حمله له على أمر لا يعقل أصلا وإما تفسيره بما يخالف ظاهر اللفظ وحقيقته وهو القول بنزول بعض الذات ثم أنه يرد على قائل هذا ما أورده علينا من أنه يبقى شيء من المخلوقات فوق بعض الذات وذلك ينافي العلو المطلق الذي هو من لوازم ذاته فمخالفنا يلزمه أمران أحدهما ما أورده علينا والآخر مخالفته ظاهر