@ 303 @ شأنا آخر غير شأن الأبدان وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد وهذا قرب الروح نفسها من الرب ولم تفارق البدن والرب تعالى فوق سمواته على عرشه ولا يلتفت إلى كثافة طبع الجهمي وغلظ قلبه ورقة إيمانه ومبادرته إلى تكذيب ما لم يحط بعلمه فالروح تقرب حقيقة بنفسها في حال السجود من ربها تبارك وتعالى لا سيما في النصف الأخير من الليل حين يجتمع القربان إذا أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد وأقرب ما يكون الرب من عبده في جوف الليل حين ينزل إلى السماء الدنيا ويدنو من عباده فتحس الروح بقربها حقيقة من ربها سبحانه ومع هذا فهي في بدنها وهو سبحانه فوق سمواته على عرشه وقد دنا من عباده ونزل إلى السماء الدنيا فإن علوه سبحانه على خلقه أمر ذاتي له معلوم بالعقل والفطرة وإجماع الرسل فلا يكون فوقه شيء البتة ومع هذا فيدنو عشية عرفة من أهل الموقف وينزل إلى سماء الدنيا وهذا الذي ذكرناه من دنو الرب تبارك وتعالى من عباده مع كونه عاليا على خلقه هو قول كثير من المحققين من أهل السنة قالوا وإذا كان شأن الأرواح ما ذكرنا وهي مخلوقة محصورة متحيزة فكيف بالخالق الذي يحيط ولا يحاط به واعلم أن السلف الصالح ومن سلك سبيلهم من الخلف متفقون على إثبات نزول الرب تبارك وتعالى كل ليلة