الذقن وتجرع كأس الشجب والشجن وحمل هنفري جريحا وأودع بعد يومين ضريحا وناح في نواحيهم النادب بندوب صريعهم صريحا وحاز هنفري جراحات فاز الهوى منها براحات إحداها نشابه وقعت في مارنه فجدعته ونفذت إلى فيه ومرت بضرسه فقلعته وخرجت من تحت فكه ففكته وصرعته وأخرى في مشط رجله نفدت إلى أخمصه وأخرى في ركتبه جرعته صاب أوصابه وغصته وكان هلاكه بلت في جنبه كسر له ضلعين وقرب له حين الحين وقتلت عدة من الخيالة وثلث ثلة من الرجالة فما انضم طرفهم حتى انتظم تلفهم وما نابت روعتهم حتى بانت عورتهم وما ارتفع عثيرهم حتى اتضع عاثرهم وما لغب ناظمهم حتى غلب ناثرهم وما راع فارسهم حتى عراه فارسه وما نهض راجلهم حتى محصه ممارسة وما زالت الرماة يرمونهم ويرامونهم ويدنون منهم ويدانونهم حتى نفضت الكنائن وانفضت الضغائن .
وكانت نصرة أثيلة ونوبة أثيرة وثورة من أعداء الله في تلك الفورة مستثيرة وحالة صدقت قول الله في محكم كتابه ! < كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة > ! فما ولوا مدبرين إلا والأدبار وليهم وما غرهم الله الغرور إلا لأنه أراد أن يملي لهم وبالخزي يمليهم وما عادوا إلا بخسر وعسر وقتل فيهم وأسر وكسب منهم وكسر فيا لها من كسرة وسماء النصرة فيها أصحت وسحب الخير بها سحت .
وتم هذا العز ولم يتم مدد العسكر الغربي ورجع الفرنج من الخزي بذلك الزي وآذنتنا بطاقة الطير في دمشق ذلك اليوم بكرة بكرتهم وبادرنا إلى الخروج لدفع مضرتهم وكشف معرتهم فما وصلنا إلى الكسوة إلا ورؤوس رؤوسهم متوافية والبشائر وافية وألطاف الله كافية والشغف بحمل السعف إلينا زائد والواجد لثلاثة وأربعة من الأسارى قائد فشكرنا الله على تلك الحالة الحالية بظفرها والهالة الجالية لقمرها والقالة القالية غير إشاعة خبرها وإذاعة أثرها