@ 62 @ المتوكل على الله كان عبد الملك بن الشيخ وأخوه أحمد المدعو بعد بالمنصور بالجزائر فركبا البحر إلى القسطنطينية العظمى قاصدين السلطان سليم بن سليمان العثماني رحمه الله ومع عبد الملك أمه سحابة الرحمانية وزعم بعضهم أن التي كانت معهما مسعودة الوزكيتية وهي أم أحمد منهما فانتهيا إلى القسطنطينية وتعلقا بكراء الدولة حتى أدخلوهما على السلطان سليم ودخلت أمهما داره وطلبوا منه أن يبعث معهم العساكر لتملك المغرب ويقوموا فيه بدعوته فتثاقل عنهم مدة إلى أن كان الغزو إلى تونس فكتب السلطان سليم إلى أهل الجزائر وأهل طرابلس أن يوجهوا قراصينهم لحصار تونس مع العمارة الموجهة من قبله فطلب عبد الملك وأخوه أحمد من الدولاتي وهو صاحب الجزائر أن يجعل لهما رياسة قرصان منهما يتوجهان فيه للجهاد معه فأعطاهما غليوطة فيها ستة وثلاثون رجلا فركباها ولحقا بعمارة السلطان سليم في جملة مراكب الجزائر هكذا وقع في سياقة هذا الخبر وهو يقتضي أنهما كانا يومئذ بالجزائر لا بالقسطنطينية فلعلهما عادا إليها من عند السلطان سليم إلى أن سافرا في جملة عسكر الجزائر والله تعالى أعلم ولما فتحوا تونس واستأصلوا من بها من الكفار حسبما مر عين رئيس العمارة العثمانية مركبين يتوجهان بكتاب الفتح إلى السلطان سليم فطلب منه عبد الملك وأحمد أن يأذن لهما في الذهاب معهما بالغليوطة ليأتيا بأمهما التي تركاها هنالك فلم يزالا بالرئيس المذكور حتى أسعفهما فكان من قدر الله تعالى أن هاج البحر عليهم ذات ليلة ففرق مراكبهم ولما أصبح عبد الملك وأحمد لم يجدا للمركبين أثرا فوافقهم السعد وساعدتهم الريح فوصلوا إلى القسطنطينية قبل المركبين بثلاث .
واتصل خبرهما بالصدر الأعظم فأحضرهما وسألهما عن العمارة وما كان منها فأخبراه بفتح تونس وقصا عليه الحديث من البدء إلى التمام فأعلم السلطان سليما بهما فأدخلهما عليه وسألهما كذلك فأخبراه وسألهما عن كتاب الفتح إن أمير العمارة قد بعث به مع مركبين صحبناهما إلى أن فرق بيننا البحر ولم ندر ما كان منهما بعد ذلك